أما يده هو ساعتها، فكانت دائمة العبث في الموسى المستقر تحت مخدته دون معنى، قال مبعدا وجهه عنها: كان من الواجب أن أكون أكثر دقة، إحكاما، أن أبعده حتى لا يؤذيها الأمر.
راح يتأمل وجهها الشاحب وعينيها الخرزيتين وهي تتخفف من أثقالها المطاردة عبر المدن المحاصرة، حيث لا مهرب سوى الاختباء: إلى أين؟
قالت: هنا.
قام بجذعه الأعلى عن فراشه ، ومضى يتأمل وجهها العصبي الحاد طويلا، زاما فمه في حنق من سدت عليه جميع المنافذ.
عاودته نقطة بدئه حين حزم حقيبته ذات نهار بعد أن ضمنها كتبه وحكاياته، حاسما الأمر مقررا استيطان هذه المدينة المهترئة بالحرب الأهلية والتصفيات، معاودا البحث في مخلفاتها، ويمكن القول: نفاياتها بحثا عن منفذ أو مكمن داء عضال يفت في جسدها المريض القابل على الدوام للتلوث.
هذا على الرغم من تيقن المهاجر بأن الأمر فيها سيكون أحسن حالا وأقل حصارا من مثيلاتها العربيات في الحجاز ونجد وصنعاء وقرطاج وعمان والقاهرة.
ذلك أن داءات مثل هذه المدن وأمراضها المستعصية لها أيضا مستوياتها الأقرب إلى الخطر واستفحاله.
ها هو أخيرا على أرض ما كان يظنه فردوسا هيلينيا فينيقيا لمجتمع ثقافي مستنير، يؤوي الغريب قبل القريب ويحميه.
هنا في هذا الوطن الجبلي الوعر، المزين بخيرات الأرض وعطائها الموسمي المزدهر.
أجل على أرض اللورد النبيل الذي كان جميلا فعشقته النساء، أدونيس «أدون».
Bog aan la aqoon