Bayna Jazr Wa Madd
بين الجزر والمد: صفحات في اللغة والآداب والفن والحضارة
Noocyada
وأدباؤنا الكاتبون باللغات الأجنبية يعنون بالتعبير عن شخصيتهم، ويعالجون الموضوعات العامة لتأييد مذهب ما؛ فنظل مجهولين إلا من الذاكرينا الوقت بعد الوقت بما يحمل على الحكم بأن كل ما لدينا فتيت يقع عن موائد الغير، أو هم يفخمون بعض الحوادث والمعاني والأشخاص ويضخمونها ضاربين صفحا عن مركزها المحدود في عالمنا الأدبي العام.
فلا عجب أن يشعر الكاتب الأجنبي بالجهل والقصور إذا هو هم بالبحث الجدي، أما الملاحظة فأوردها قبل المسائل لأهميتها؛ قال: «ليست هذه المسائل دقيقة، وإنما هي أعلام تبين لك الغرض الذي أقصد إليه من هذا البحث، ولك الحرية المطلقة في أن تفصل ما استطعت، وتبسط كل آرائك في المسائل التي ألقيت عليك.»
وقد صدق مسيو فانبير؛ فليست هذه المسائل «دقيقة» وإنما هي الخطوط الكبرى الراسمة صورة الآداب، وهي عندي أهم من «الدقة»؛ إذ رغم ما نريقه كل يوم من مداد، فإننا لم نوضح بعد ما قد توضحه الأجوبة الصغيرة عن هذه المسائل، وكثيرون منا لم يفكروا فيها، وفي بعض ما يكتبه أفراد من صفوة كتابنا، دليل على أن هذه الخواطر لم تمر في أذهانهم بمثل هذا الاطراد. ولا لوم، وإن جاز اللوم فهو يقع أولا على الصحف الإفرنجية التي لا تعنى عندنا بغير الجانب السياسي وتغفل ما عداه، ويقع بعدئذ أو قبلئذ، على الصحف العربية التي لا تهتم برسم صورة عامة من آدابنا. وبعد وقد زل بي القلم إلى ما يغضب الصحف العربية والإفرنجية جميعا، فلأمضين في الجرأة فألوم الدكتور طه حسين الذي يشغل صحيفة الأدب الأسبوعية في «السياسة» بأبحاث ممتعة عن الشعراء الأقدمين، ويتغاضى عن الأدب العصري فلا ينيله كل ما هو جدير به من البحث، وهنا أسكت وبي شبه ذعر أن تنقض علي الصواعق من كل صوب.
ومن ثم أجيب عن المسائل؛ لا لأرسلها إلى المسيو فانبير، بل لأهتدي إلى ما يحب أن يعرفه الكاتب الأجنبي، ولأرسم لذاتي صورة واضحة على قدر الإمكان من هذه الموضوعات المتشابكة.
السؤال الأول:
هل لك أن تكتب لي ترجمة مفصلة لحياتك وآثارك الأدبية؟
الجواب:
لا، يا سيدي المسيو فانبير؛ فذلك التفصيل يستغرق حياتي الصغيرة كلها!
السؤال الثاني:
ما الينبوع الذي يستمد منه الشعر العربي الحديث؟
Bog aan la aqoon