U Dhexeeya Diinta iyo Falsafada
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Noocyada
وفيلسوفنا يذكر سببين لاختلاف الشرائع في التمثيل لتلك الحال:
67
اختلاف ما أدركه الأنبياء من الوحي من هذه الأحوال، أو لأن الذين مثلوا هذه الأحوال بمثل مادية قد «رأوا أن التمثيل بالمحسوسات هو أشد تفهيما للجمهور، والجمهور إليها وعنها أشد تحركا ... وهذه هي حال شريعتنا التي هي الإسلام.»
إنه إذن يذهب كما هو واضح من هذا إلى أن المعاد سيكون روحانيا فقط، إلا أنه لا يعنى هنا بإبراز هذا الرأي ولا بالتدليل عليه؛ وذلك لأن المقام مقام توفيق بين الحكمة والشريعة بالتدليل على العقائد الدينية الأساسية تدليلا يوافق الخاصة والجمهور.
بل إنه يكتفي هنا بعد أن استدل لأصل البعث من القرآن بأن يقول بأن التمثيل الذي في شريعتنا يشبه أن يكون أتم إفهاما لأكثر الناس، وأكثر تحريكا لنفوسهم إلى ما هنالك، والأكثر هم المقصود الأول من الشرائع، وذلك بخلاف التمثيل الروحاني، فهو أشد قبولا عند غير الجمهور، وإنه لهذا المعنى نجد المسلمين فرقا مختلفة في فهم التمثيل الذي جاء في الشريعة للمعاد وأحواله.
68
وتدليل ابن رشد لما ذهب إليه نجده في كتابه «تهافت التهافت»، وسنعرض له في الفصل التالي، وسنرى إن كان يمكنه تأويل كل الآيات القرآنية التي تؤكد المعاد الجسماني والسعادة والشقاء الجسمانيين، أو إنه لن يجد إلى ذلك سبيلا، ولكنه ينتهي من هذه المسألة هنا بقوله: «والحق في هذه المسألة أن فرض كل إنسان فيها هو ما أدى إليه نظره فيها، بعد ألا يكون نظرا يفضي إلى إبطال الأصل جملة، وهو إنكار الوجود جملة؛ فإن هذا النحو من الاعتقاد يوجب تكفير صاحبه؛ لكون العلم بوجود هذه الحال للإنسان معلوما للناس بالشرائع والعقول.»
69 •••
هذا، وإلى هنا انتهى ابن رشد من التدليل على ما رأى التدليل عليه من العقائد الدينية الأساسية، تدليلا يناسب الخاصة والعامة من الناس، وإلى هنا أتم في رأيه عملا كبيرا في سبيل الجمع أو التوفيق بين الشريعة والحكمة، فقد بين أن عقائد الدين يمكن أن يستدل عليها من الشرع ومن العقل معا، وأنه لا يوجد بين هذين المعنيين خلاف في شيء ما.
وإن عليه بعد ذلك كله ليتم له ما أراد، أن يهدم تهافت الغزالي، وهذا ما سنراه في الفصل التالي الذي سيعالج فيه - ضمن ما سيعالجه من مسائل - بالبحث الطويل العميق بعض ما تناوله بإيجاز في كتابه «كشف الأدلة عن عقائد الملة» كما رأينا في هذا الفصل الذي انتهينا منه، نعني بذلك مثلا مسائل: قدم العالم، وعلم الله، والحياة الأخرى وما سيكون فيها من ثواب وعقاب.
Bog aan la aqoon