U Dhexeeya Labada Qasri

Najiib Maxfuus d. 1427 AH
121

U Dhexeeya Labada Qasri

بين القصرين

Noocyada

فهزت رأسها هزة كأنما تقول له: «هيهات أن يؤثر في مثل هذا الكلام.» وقالت: ليس ظنا فحسب، إني أعني ما أقول، إنك رجل لا يعوزك الفهم، وأنا كذلك وإن توهمت غيره ... فلا يجوز لأحدنا أن يحاول خدع صاحبه.

ومع أن صدور هذا الكلام عن امرأة لم يمض على وفاة زوجها شهران أثار في نفسه شعورا بالسخرية والمرارة، فإنه تطوع لانتحال الأعذار لها - الأمر الذي لم يكن ليفكر فيه في ظروف أخرى - قائلا لنفسه: ما أحرى صبرها على مرضه الطويل بأن يشفع لها. ثم تخلص من شعوره الطارئ بقوة، وقال متصنعا الأسى: غاضبة علي؟! يا له من حظ سيئ لا أستحقه!

فقالت في شيء من الاندفاع ربما كان الباعث عليه ضيق المكان والزمان عن ملاعبات الأخذ والرد: قلت لنفسي وأنا في الطريق إليك: «ما ينبغي أن تذهبي» .. فلا يحق لي الآن أن ألوم إلا نفسي! - بعض هذا الغضب يا ست! ... إني أسائل نفسي عما جنيت؟!

فتساءلت بلهجة ذات معنى: ما عسى أن تصنع إذا حييت إنسانا بتحية فلم يرد بمثلها ولا حتى بأسوأ منها؟!

فأدرك من توه أنها تشير إلى ما بدا منها في الزيارة القديمة من تودد قابله بالصمت، ولكنه تجاهل الإشارة ... وقال مجاراة لأسلوبها الرمزي: لعلها لم تبلغ سمعه لسبب أو لآخر. - إنه قوي السمع والحواس جميعا.

فجرت على فمه ابتسامة عجب لم يتمالكها، قال بلهجة المذنب إذا أنشأ يعترف: لعله لم يردها حياء أو تقوى.

فقالت بصراحة أعجبته وهزت فؤاده: أما الحياء فلا حياء له، وأما سائر الأعذار فمن أين للقلوب الصادقة أن تباليها؟!

فندت عنه ضحكة ما لبث أن اختزلها وهو يسترق النظر إلى جميل الحمزاوي الذي بدا منهمكا في العمل بين نفر من الزبائن، ثم قال: لا أحب أن أعود إلى الملابسات التي قست علي وقتذاك، على أنه لا يجوز لي أن أيئس ما دام ثمة ندم وتوبة وعفو!

فتساءلت في إنكار: من يدرينا بالندم؟

فقال بلهجة حارة برع في تجويدها عاما بعد عام: تجرعته طويلا والله شهيد! - والتوبة؟

Bog aan la aqoon