وفي اللحظة التالية كنا نضحك، وكنا قد اتخذنا قرارا، أن نظل في العربة لا نغادرها حتى يعود القطار نفسه إلى القاهرة.
وبعد دقائق كانت العربة قد خلت تماما من كل ركابها، ولم يبق سوانا، وجاء عامل التنظيف وتمحك، ولكنه كان بعد قليل يحضر لنا مشروبا مثلجا من البوفيه وعلى فمه ابتسامة الموافقة والترحيب.
وحين أصبحنا وحدنا تماما قلت: بطل حزري.
قلتها بالعامية، فاندهشت وسألت بالإنجليزية: يعني ماذا؟ - يعني انتهت كل مقدرتي على التخمين.
ولكني لم ألبث أن هتفت: أتعلمين شيئا؟ - ماذا؟ - لا بد أن اسمك فينوس.
فقالت وهي تعرف إجابتي سلفا: لماذا؟ - لأن لا بد أن اسمك على اسم جدتك، فقطعا أنت من أحفادها، لا بد أن يكون اسمك فينوس، وإذا لم يكن كذلك فلا بد أن يغيروا اسم فينوس ويطلقون عليها اسمك. - مجاملة، المصريون كلهم يجاملون.
قلت: لا بد أنه أفروديت إذن، ولو أني لا أفضله.
قالت: ولا هذا أيضا. اسمع!
وقالت اسما لم أسمعه، وربما فعلت هذا لتنقذني من حيرتي التي كنت لا أود أن أنقذ منها. وسألتها مرة ومرتين وثلاثا حتى استطعت أن أسمعه منها جيدا وأحفظه، وقلت أخيرا: إكسانتي؟ أو زانتي؟ - إكسانتي، وللسهولة يسمونني سانتي، ألا ترى أنه مكون من مقطعين كاسمك؟
وسألتها إن كان اسمها يعني شيئا باليونانية؛ ففكرت هنيهة وضمت فمها تلك الضمة التي أحبها منها، الضمة التي تذكرك أن لها فما صغيرا دقيقا كنت قد نسيته لفرط دقته وصغره، الضمة التي تبرز شفتيها وتكرز حمرتها وتصنع لهما عشرات التجعيدات الدقيقة المتقاربة المحتقنة ذات المعنى الجسدي الذي ينسيك حتما ما كنت تريد قوله، ويجفف حلقك ويلهب أنفاسك. وقالت: صعب ترجمته، ولكنه شيء يعني الفتاة ذات اللون الأبيض، أو الفتاة الشقراء، أو على وجه الدقة، الفاتحة.
Bog aan la aqoon