وانتظرت عساها تبدي اهتماما أزيد، أو تسأل، ولكنها لم تقل شيئا، فمضيت أقول: مشكلة ذلك الصديق أنه واقع في حب فتاة ولا يعرف كيف يعبر لها عن عواطفه، وقد كلفني أن أكتب له خطابا يشرح لها نفسه فيه، أتريدين قراءته؟ - نعم.
قالت هذا وهي تكمل إجابتها بسرب من الابتسامات البريئة العذبة، ثم قالت بخفة طفولية: أين الخطاب؟ - في درج المكتب ... الأسفل.
وكالطفلة المحبة للاستطلاع قامت وفتحت الدرج وقلبت الأوراق ثم تناولت الخطاب، ونظرت إليها وأنا أتتبع حركاتها باهتمام عظيم وكأني أتوقع أن يحدث انفجار ما لدى أية حركة من حركاتها.
وضعت الخطاب بعناية فوق المكتب، ثم أمالت رأسها عليه وبدا عليها أنها تقرؤه.
ولم أستطع الصبر، شيء ما أرقني فقلت لها: إن خطي فظيع لا يستطيع أحد غيري أن يقرأه، هل تسمحين؟
وببساطة تنازلت عن الخطاب ومقعدها، وعادت تجلس على الكرسي الأسيوطي، وبدأت أقرأ الخطاب بصوت مرتفع، وأسندت رأسها إلى يدها تواجهني وتستمع وعلى فمها ابتسامة لا تغادره، وكأنما توقفت تستمع هي الأخرى.
والواقع لم أكن أقرأ، كنت أحاول أن أخاطبها بالكلمات المكتوبة، وأختلس النظر أحيانا لألمح أثر كلماتي فأجدها لا تزال تصغي ولا تزال تبتسم.
وانتهيت من القراءة، وحل صمت كامل، ورفعت إليها عيني، ولم تكد نظراتنا تلتقي حتى وجدتني أقول في تهور: لقد كذبت عليك. - ماذا؟ - ليس الخطاب لصديقي، إنه خطاب مني إليك.
وتضاءلت ابتسامتها، وقالت وهي تنكس رأسها: كنت أعرف هذا.
وقامت وأشعلت سيجارة لنفسها بنفسها، ونفثت دخانها إلى الناحية الأخرى.
Bog aan la aqoon