قال أبو سعيد: معي إنه يخرج في معاني قول أصحابنا: إن كان الاعتكاف لازما فإنما لزمها من طريق ما ألزمته نفسها من نذر أو يمين فمنعها زوجها من ذلك فيخرج عندي فيه الاختلاف. فقال من قال: إن لها أن تقضي اللازم، والنذر مثل الواجب الذي أوجبه الله عليها لأن ذلك عليها الوفاء به. وقيل في بعض القول: إن ليس لها ذلك إلا بإذنه لأن ذلك إنما ألزمته نفسها، ويعجبني ذلك. فإن أذن لها فاعتكفت لم يكن له منعها من بعد أن دخلت في الاعتكاف، ولا يبعد أن يكون له ذلك على حال إذا لم يكن إلا بإذنه لأنه متى شاء أذن ومتى شاء منع. ويخرج عندي في معنى قولهم إنه إذا أذن لها باعتكاف يوم نافلة /155/ فدخلت فيه فليس له منعها ذلك اليوم لأنه قد لزمها بالدخول فيه لمعنى قولهم حتى يتم ذلك اليوم. وإن أذن لها بأيام فيعجبني أن لا يلزمه من ذلك إلا ما دخلت فيه من الأيام حتى يتم ذلك؛ لأن ذلك ليس عليها هي وله هو الرجعة عن ذلك. ولها مثله ما لم يكن عن لازم لها، وقد مضى معنى اللازم، وإذا لزمها شيء من ذلك فمنعها على قول من يقول: إن له منعها ويكون عليها إلى أن توصي به. قال غيره وهو سعيد بن أحمد الكندي -رحمه الله-: وهل ينقاس على هذا إذا لزمتها فريضة الحج ومنعها زوجها عن تأديته على قول من أجاز له منعها بأن يلزمها أن يوصي به.
رجع
والعبد عندي والأمة وأم الولد أهون في هذا، ولا أعلم لها فيما ألزموا أنفسهم عليه أمر أن يفعلوا ذلك لغير مرة، ولعله لا يلزمهم ذلك في معنى بعض القول إذ لا يملكون شيئا إذا كان من النذر.
ومنه: قال أبو بكر: كان الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي يقولون: ليس للسيد منع مكاتبه من الاعتكاف، ورخص ابن القاسم في اليسير الذي يكون على السيد فيه الضرر، ومنع من الكثير منه.
قال أبو بكر: كما قال الشافعي.
Bogga 180