قال أبو سعيد: معي أنه لا يخرج في معاني قول أصحابنا معنى الاتفاق على معنى تسليم الصدقة إلى فقراء أهل الذمة، بل يخرج في معنى قولهم الاختلاف في ذلك. ومن قال بذلك يحتج بقول الله تبارك وتعالى: {ليس عليك هداهم} بمعنى الصدقة على ثبوت معنى الصدقة. وقوله: {مسكينا ويتيما وأسيرا} وكان الأسارى يومئذ لا يكونون إلا مشركين لا نعلم غير ذلك.
ولا يكون ثبوت الإطعام إلا في معنى الفضل أو اللازم، فإن كان فضلا فقد ساوى بين اليتيم والمسكين والأسير، وإن كان فرضا /108/فكذلك، إلا أنه يستحب للمسلم إذا كان يلي الزكاة نفسه أن يجعلها من أهل الفضل من المسلمين، من أهل ولايته وموافقته من أهل نحلته، ولو لم تكن لهم ولاية. ثم في أهل دعوته، ولو كانوا ممن ينتهكون ما يدينون بتحريمه. ثم في أهل قبلته ولو كانوا يدينون بمخالفته. ثم في أهل دينه ولو كانوا يجحدون مثله. ثم في فقراء أهل حربه إذا عدم هذا كله لأنه لا يأتي على المرء حال يمنع فيها دفع زكاته، فيستحيل الحكم إلى أن يتعبد بما لا يطيق ولا يلزمه. وأما إذا كان الإمام فعليه دفعها إلى الإمام، وقد مضى القول في مثل هذا.
ومن الكتاب: ذكر منع الصدقة ومن له قوة لكسبها.
قال أبو بكر: كان الشافعي وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد يقولون: لا يعطى من الزكاة من له قوة يقدر بها على الاكتساب.
وفي قول أصحاب الرأي من لم يملك مائتي درهم فله أن يأخذ من الزكاة، وللمعطي أن يعطيه قوتا مكتسبا أو غير قوي ولا مكتسب.
وقال يعقوب: قبيح، وأرجو أن يجزي.
قال أبو بكر: كما قال الشافعي أقول.
Bogga 58