قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا ما يشبه معنى الاتفاق أنه إذا كان للمرء مال يزكيه من ذهب أو فضة أو ماشية وقد حال عليه الحول وهو تجب فيه الزكاة ففيه الزكاة إذا حال حوله، وفيما استفاد من مثله بأي الوجوه استفاد من ميراث أو شراء أو هبة أو وجه من الوجوه أو ربح منه بتجارة أو نتاج أو نماء في المواشي، وكل ذلك سواء معهم، وتجب عندهم في جميع الفائدة الزكاة إذا استفادها، وصارت ملكا له فيما تجب فيه الزكاة، أن لو كانت غير فائدة قبل الحول أو بعد الحول قبل أن يزكي كل ذلك سواء، ولا يبين لي ف شيء من هذا اختلاف. [بيان، 19/42] ومن كتاب الأشراف ذكر الفقراء والمساكين قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: إنما الصدقات للفقراء والمساكين. واختلفوا في معنى قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين}. فقال مجاهد وعكرمة والزهري: المساكين الطوافين، والفقراء فقراء المسلمين. وقال قتادة: الفقير الذي به زمانة، المسكين الصحيح المحتاج. ورينا عن الضحاك أنه قال: الفقراء فقراء المهاجرين، والمساكين الذين لم يهاجروا.
وفيه قول رابع وهو -والله أعلم-: أن الفقير من لا مال له ولا حرفة يقع منه موقعا زمنا كان أو غير زمن، سائلا كان أو ضعيفا، والمسكين من لا مال له ولا حرفة يقع منه موضعا ولا يغنيه، سائلا كان أو غير سائل، هذا قول الشافعي.
وفيه قول خامس: وهو أن المسكين الذي يخشع ويستكين، والفقير الذي يتحمل ويقبل الشيء.
هذا قول عبد الله بن الحسن ومحمد بن مسلمة: الفقير الذي له مسكن يسكنه، والخادم إلى من هو أسفل من ذلك، والمسكين الذي لا مال له.
وفيه قول سابع، قاله بعض أهل اللغة قال: المسكين الذي لا شيء له، والفقير الذي له البلغة من العيش.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا أن المساكين كانوا قوما من أهل الكتاب أهل مسكنة، وكان الله قد جعل لهم سهما. /65/والفقراء فقراء أهل القبلة من كان منهم يلحقه اسم الفقر، فسهم المساكين منتقل في أحكام القسمة إلى فقراء المسلمين، ولا شيء لأهل الذمة في زكاة المسلمين. وهو مطروح كحنو ما قيل في المؤلفة.
وفي بعض قولهم: إن الفقراء هم المساكين، والمساكين هم الفقراء، وكلهم عندي يجري عليهم واحد كنحو قوله: {إطعام ستين مسكينا} و{إطعام عشرة مساكين}. فهم الفقراء والمساكين لا يختلف في معنى هذا.
وفي بعض قولهم: إن المساكين من غدى على المسكنة ولم يكن له غنى فافتقر عنه، والفقراء من كان له غنى فافتقر بعد غنائه، وكل هذا عندي يشبه بعضه بعضا إلا قولهم: إن المساكين من أهل الكتاب وإن سهمهم مطروح، ومعنى هذا غير معنى غيره.
Bogga 48