قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا إجازة دفن الميت بالليل، كمثله في النهار والليل. معي أستر، وإنما هي عورات، كلما كان الوقت أستر كان عندي أفضل، ما لم تقع مشقة أو ضرر، وعندي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا أنه يقدم دفن الميت في الليل، ويستحب لمعنى الستر، وأما المسكينة التي دفنت في الليل فقد يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يعود المساكين في مرضهم، فعاد مسكينة يوما وقال لهم: (إن ماتت فأعلموني حتى أشيع جنازتها أو أخرج في جنازتها) فقيل ماتت المسكينة في الليل أو آخر النهار، وأحسب أنه في الليل، فكره أهلها أن يوقظوا النبي - صلى الله عليه وسلم - من نومه فدفنوها ولم يعلموه، وكان من عذرهم أنا لم نحب نوقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - . فقيل: إنه لامهم إذ لم يعلموه، حتى يشيع جنازتها، ولم نعلم أنهم لامهم في دفنها، وإنما المعنى أنه لامهم إذ لم يعلموه حتى يليها معهم في الليل.
/217/ومنه قال أبو بكر: روينا عن علي بن أبي طالب أنه حثا على زيد بن المهلب ثلاثا، وكان الزهري يرى ذلك، وروينا عن ابن عباس أنه لما دفن زيد بن ثابت حثا عليه التراب، ثم قال: هكذا يدفن العلم، وكان الشافعي يحثوا على سفيان القبر بيديه ثلاثا.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا أنه يستحب لمشيع الجنازة أن يلي حضور القبر لمعاني مصالح دفن الميت، إن أمكنه جميعا، وإلا ما أمكنه منها، فإذا صلى على الميت استحب له أن يحثوا عليه حثوات من ترابه، أحسب أنهم يريدون المشاركة في الفضل كله في حمل الجنازة والصلاة ودفنه؛ لأن ذلك لازم وفضل.
Bogga 213