ومنه قال أبو بكر: روينا عن قيس بن عبادة أنه قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرهون رفع الصوت عند ثلاث: عند القتال، وعند الجنائز، وعند الذكر. وذكر الحسن البصري عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يستحبون خفض الصوت عند الجنائز، وعند قراءة القرآن، وعند القتال، وكره سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن البصري وإبراهيم النخعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه قول القائل خلف الجنائز: استغفروا، قال عطاء: مخربه. وقال الأوزاعي: بدعة. قال أبو بكر: ونحن نكره من ذلك ما كرهوا.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج معاني ما وراءه من خفض الصوت حسن عندي في معاني قول أصحابنا عند الجنائز، وعند قراءة القرآن، وأما الحرب فالله أعلم، إلا أن يكون في معاني خفض الصوت عند الحرب سبب يدرك به القصد من الطعن في الحرب، فلعل ذلك يخرج حسنا على هذا، وأما قول القائل: استغفروا، فإن كان مؤمنا ويقول ذلك لمن يعلم أنه مؤمن مستحق للولاية لم يكن ذلك عندي بدعة ولا مكروها، وإن كان ممن لا يستحق الاستغفار وأمر بولاية من لا يستحقها فذلك عندي بدعة في معنى الحرب، وكذلك عندي عند الذكر خفض الصوت أفضل من ذكره، وعند الذاكر والمذكور كل هذه المواطن عندي فيها خفض الصوت أفضل.
Bogga 187