Baydhabo Saarih
البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح
Noocyada
قالوا: وأما من السمع فقوله تعالى: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} ولو كان الأحكام مدركها العقل لزم خلاف ذلك وهو التعذر قبل البعثة لتحقق الوجوب والحرمة، وبهما يستلزمان التعذر عندهم لمنعهم العفو.
قلنا: قد سبق ما حكاه الله عنهم من ضلالهم فبل بعثة الأنبياء، وأنهم كانوا ظالمين وكافرين وفاسقين وغير ذلك، ولا مانع أن يستحقوا العذاب ولا يعذبون قبل بعثة الرسل.
قال في الأساس: الآية لا تنافي ما ذهبنا إليه؛ لأن المعنى وما كنا معذبين بعد استحقاق العذاب بارتكاب القبائح العقلية بدليل قوله تعالى: { ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون} فأخبر الله تعالى أنهم قد ارتكبوا القبيح الذي هو الظلم وهم غافلون عن السمع حيث لم تبلغهم الرسل فقال تعالى: { حتى نبعث رسول} لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل بأن يقولوا: حصل العلم بالاستحقاق ولم يجزم بالوقوع لعدم معرفتهم لربهم، كمن يقتل نفسا عدوانا على غفلة فإنه يعلم أن القصاص يستحق عليه ولم يجزم بوقوعه لتجويزه أن لا يطلع عليه أحد، فيقولوا: لو أنذرنا منذر لاصطلحنا بدليل قوله تعالى: { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى}.
Bogga 100