141

Baydhabo Saarih

البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح

قلت: الصحيح في الجواب ما علمه الله أنه لا يقع لابنفي قدرة الفاعل على إيقاعه إلى أفعاله تعالى ولا أفعال خلقه فتجويز القدرة على إيقاعه لا ينفي علم الله بأنه لا يقع ولا ينافي القدرة على إيقاعه، وكذلك السؤال الوارد على تجويز الجهل على فعله القبيح وما لزم على القول بذلك من تجويز الجهل عليه تعالى عنه أو العجز غير وارد، فإن تجويزنا للقدرة ينفي العجز ولا يكشف عن جهل كما زعموا فإنه قد يفعل القبيح من هو عالم بقبحه فلا يلزم الجهل، فإنه إذا جاز من أحدنا أن يفعل القبيح وهو عالم بقبحه فلا يكشف عن جهل، فبالأولى تجويزنا لقدرة الله على فعله وهو العالم بذاته، وكنت قد ذكرت هذا الجواب قبل أن أطلع عليه لغيري ثم وقفت على ما يقرب منه في كلام المهدي عليه السلام في (الغايات) وإن كان قد صدر ذلك الامتناع عن الجواب بلا أو بنعم، فإنه قال بعد كلام طويل وقاعدة مبنية على أن الملازمة بين الأمر إن كانت بطريقة الاقتضاء استحال انفكاك أحدهما عن الآخر لما قد منا من أن المقتضي الذي يتميز به المقتضى كالوصف الذاتي له، مثاله اقتضاء الحيية بصحة أن يقدر ويعلم، فإنه يستحيل انفكاك صحة القادرية عن ثبوت الحيية ويستحيل انفكاك ثبوت الحيية عن صحة القادرية لما ذكرناه، وأما إذا لم تكن بطريقة الاقتضاء؛ فإن انفكاك أحدهما عن الآخر لا يستحيل، مثال ذلك ملازمة وقوع القبيح لجهل فاعله أو حاجته إليه فليس بين الأمرين طريقة اقتضاء، فيقال: إن وقوع القبح يقتضي الجهل والحاجة، وإنما هي ملازمة عادته فلا يستحيل وقوع القبح فمن ليس بجاهل لقبحه ولا محتاج إليه ويمكن أن يكون جاهل لا يقع منه لقبحه قبيح، وكذلك وقوع المعلوم مطابقا للعلم ليس مقتضي عن العالمية، بل وقوع باختيار الفاعل ولا ذاته لا يقع إلا مطابقا، وإذا كان كذلك لم يلزم من إمكان وقوع الفعل غير مطابق للعلم مع القطع بأنه لا يقع كذلك إمكان جاهلية العالم؛ لأن طريقة الاقتضاء غير ثابتة بين هذين المتلازمين فلا يلزم من إمكان أحدهما إمكان الآخر، وهذه طريقة ...للاشكال من أصله. انتهى.

Bogga 154