Halyeeyga Guuleysta Ibrahim iyo Qabsashadiisa Shaam 1832
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Noocyada
مثل هذه التدبيرات اتخذت قبل أن يرد جواب الباب العالي على اتفاق نابيير ومحمد علي. ولما وصل الرد ظهر أن السلطان لا يمنح محمد علي الحكم المتوارث في مصر، فظهر أن سفير إنكلترا كان يدبر ذلك الجواب، وكان يتوقع القتال. ولكن الدول الأخرى لم تكن على هذا الرأي، فأمرت الدول الأربع سفراءها بتقديم المذكرة التي ذكرناها في الفصل السابق، فأمر السلطان بإجابة مطالب الدول، فانتدب الأميرال نابيير ليشهد تسليم الأسطول التركي في الإسكندرية، وأرسل محمد علي رسوله إلى إبراهيم باشا ومعه أحد الضباط الإنكليز ليسحب جيشه من دمشق، مع تبليغ قواد الحلفاء تسهيل أمر الجلاء والسماح للنساء والأطفال والجرحى والمرضى بأن يعودوا إلى مصر بحرا.
ولما تلقى إبراهيم أمر والده في 9 سبتمبر، عقد مجلسا في مدينة دمشق من أعيان المدينة ليختاروا الحاكم الذي يسلمه مدينتهم، فاختاروا حسن بك الكحالة، ثم خطب فيهم حاثا على حفظ النظام والأمان، وألا يمسوا النصارى واليهود بسوء، فإذا هم لم يرعوا أوامره يرتد إليهم بقوة من جيشه ويحل بهم أشد العقاب.
وعرف إبراهيم ما يضمرونه له في طريقه رغم الاتفاق، فوضع خطة الرجوع لجيشه.
وفي 29 ديسمبر أصدر الأمر إلى جيشه المؤلف من 55 ألف جندي ومعهم 150 مدفعا بالجلاء، وكان يتبع ذلك الجيش نحو سبعة آلاف نفس من العائلات والاتباع.
وبعد ستة أيام من خروج إبراهيم باشا من دمشق، وصل إليها الجنرال جوكوموس، وأعلن إعادة حكم السلطان وتولية أحمد أغا اليوسف. وسار مع الثوار يناوش مؤخرة الجيش، وانضم إليهم نحو 700 من المتطوعين بجيش إبراهيم، فذهبوا مع رفاقهم للانضمام إلى جيش الأمير بشير قاسم الشهابي في طبريا، وهدم الجنرال جوكوموس جسر بنات يعقوب حتى يعرقل سير الجيش المصري.
وفي المزيريب ارتاح الجيش ثلاثة أيام، وكان البرد شديدا، فقسم إبراهيم جيشه خمسة أقسام؛ أحدهما بقيادة سليم باشا، والثاني بقيادة أحمد باشا الدرامه لي، والثالث بقيادة أحمد باشا المنيكلي، والرابع بقيادة سليمان باشا الفرنساوي، والخامس بقيادته هو ذاته. وعين للقسم الأول طريق شرق الأردن إلى غزة والعريش، وللثاني طريق الحج ومعان فالعقبة، ومنها إلى النخل والسويس. أما هو - وكان قسمه مؤلفا من الحرس وفرسان الهنادي والباشبوزق - فجعل وجهته غزة ليركب منها البحر إلى مصر. وتمكن إبراهيم - بحسن خطته ودقة نظام جيشه ونشاط ضباطه - من أن يلعب بقواد الحلفاء الذين كانوا يتربصون له في الطريق، وأن ينفلت من بين أيديهم، حتى قالوا في وصف ارتداده ورجوعه سالما إنه ربح أكبر معركة سلمية بالارتداد؛ لأن الجنرال جاكوموس جمع على طريقه كل ما يمكن جمعه من القوات بما فيها قوات الثوار - وهي أشد خطرا على الجيش المرتد من الجيش النظامي - ووقف بها في جهة جنين وجسر المجامع، وقطع الطرقات الأخرى. ولكن إبراهيم باشا كان يتظاهر بالزحف في فلسطين، ثم يسير بعيدا شرقي نهر الأردن والبحر الميت. على أن جيشه تحمل من أجل ذلك متاعب كبيرة جدا لا يتحملها جيش آخر؛ لأنه كان يسير في الصحراء القليلة الماء والزاد، حتى اضطر الجيش إلى أكل لحم الخيول والمواشي، وأن يعيش أياما على عشب البرية، وكانوا قبل وصولهم إلى السواحل كغزة والعقبة يكافحون الجوع والعطش ولصوص البدو. وفي 25 يناير وصل القسم الأول من جيش إبراهيم باشا إلى غزة.
أما جيش سليمان باشا، فإنه سار على طريق الحج، وكان يحسب أنهم يرسلون إليه من مصر بطريق صحراء السويس الزاد والماء، ولكن هذا الأمل خاب، غير أنه وفق للعثور على الآبار، ونجا وأوصل المدافع المائة والخمسين بخيولها سليمة إلى مصر.
ووصل إبراهيم باشا إلى غزة في 31 يناير، وأرسل إلى والده ليوافيه بحاجات الجيش، فأرسل إليه ما طلب. وبلغ عدد الجيش الذي وصل إلى مصر 41 ألفا، منهم 30 ألفا عن طريق غزة والباقي عن طريق العقبة والسويس، وكان آخر جندي غادر غزة في 19 فبراير سنة 1841.
أما اللبنانيون الذين كانوا في مصر، فإن محمد علي اتفق مع الأميرال نابييه في 27 نوفمبر على إعادتهم إلى وطنهم، كما اتفق معه على إعادة الذين كانوا قد نفاهم إلى سنار في سنة 1840.
ومما يذكر عن هؤلاء المنفيين وعددهم 57 أميرا وشيخا وعينا، أنه لما أبعدهم محمد علي إلى سنار، سلم قايد المركب الذي يركبونه كتابا إلى حاكم تلك الجهة، فتشاوروا فيما بينهم - وهم في الطريق - لمعرفة ما في ذلك الكتاب؛ فإن كان شرا فتكوا بجنود المركب ونجوا بأنفسهم في البرية، وإن كان خيرا واصلوا السير. فلما أخذوا الكتاب واطلعوا عليه، وجدوا أن محمد علي يوصي بهم خيرا، وبأن يعاملوا معاملة حسنة، فأعادوا الكتاب إلى حامله، وصرفوا مدة نفيهم معززين مكرمين، فلما عاد جيش إبراهيم إلى مصر أرسل الأميرال نابييه ولده إلى محمد علي يطلب أولئك المنفيين، فأعادهم محمد علي من السودان، وفي إبان عودتهم توفي منهم في صعيد مصر الأمير يوسف سليمان شهاب.
Bog aan la aqoon