وفى الوضع كالأشد انتصابا وانحناء وفى الملك كالأكسى والأعرى وفى الفعل كالأقطع والأصرم وفى الانفعال كالاشد تسخنا وتقطعا. فما كان فى مقولة تقبل التضاد والاشتداد والتنقص قبلها أيضا، فلما كانت الحرارة من مقولة الكيف ضد البرودة وأشد من حرارة أخرى كان الأحر ضد الأبرد وأحر من آخر. ولما لم يكن الكم والجوهر يقبلانها لم يقبلها المضاف العارض لهما فليس الكبير ضدا للصغير ولا الضعف ضدا للنصف لما عرفت.
وهذا منى حكاية لما قيل فى كتبهم لا ما هو الرأى الحق عندى. فان المضاف وان عرض للكيفية، فليست الكيفية داخلة فيه بل هو نفس كون الكيفية مقيسة الى ما هو بإزائها. وللضد طبيعة وماهية معقولة بنفسها ثم تعرض لها اضافة الضدية. والمضاف لا ماهية له سوى الكون مقيسا فلا يعرض له التضاد الذي يستدعى طبيعة معقولة بنفسها يكون هو عارضا لها. وقد قدموا قبل هذا بأوراق أن الكبير ليس ضدا للصغير لأنه ليس له طبيعة معقولة بنفسها سوى أنه مضاف فليس للاحر والأبرد طبيعة سوى أنه مضاف وان قالوا انه يكفى لعروض الضدية طبيعة غير الضدية موضوعة لها كانت مضافا أو غيره وللآخر طبيعة غير الضدية وتعرض لها الضدية. فللكبير والصغير أيضا طبيعتان سوى الضدية هما كونهما مضافين فبان بهذا (1) تناقض قولهم فى الموضعين.
أما الكبر والصغر فى الكميات فهما عارضان لماهية واحدة لا تضاد فيها وهى الجسم التعليمى مثلا فالصغير والكبير كلاهما جسم تعليمى والصغر والكبر اضافة محضة وليس فيهما ماهية وراء ذلك معقولة بنفسها يعرف لها التضاد، فهما كالابوة والبنوة بخلاف الاحر والابرد فانهما مع الاضافة قد اشتملا فى نفس النسبة على ماهية معقولة وهى الحرارة أو البرودة وتلك الماهية يقع فيها التضاد، فلذلك قالوا «فما كان فى مقولة تقبل التضاد والاشتداد والتنقص قبلها أيضا» .
Bogga 122