عاصم للذهن عن الزلل، مميز لصواب الرأى عن الخطاء فى العقائد، بحيث تتوافق العقول السليمة على صحة، وهذا هو المنطق.
وانما احتيج الى تمييز الصواب عن الخطأ فى العقائد للتوصل بها الى السعادة الأبدية، لأن سعادة الانسان من حيث هو انسان عاقل فى ان يعلم الخير والحق، أما الحق فلذاته واما الخير فللعمل به.
وقد تواترت شهادة العقول والشرائع على ان الوصول الى السعادة الأبدية بهما.
واذا كان نيل السعادة موقوفا على معرفة الحق والخير، والروية الانسانية قد يعتريها الزيغ والعدول عن نهج السداد فى السلوك الفكرى على الاكثر:
فربما اعتقد غير الحق حقا وما ليس بخير خيرا واستمرت على اعتقادها فحرم صاحبها السعادة الأبدية لما فاته من درك الحق والخير والتمييز بينهما وبين الباطل والشر وتخلف عن نيل النعيم الدائم فى جوار رب العالمين.
فاذن لا بد لطالب النجاة من الهدى الى وجه التمييز بين الحق والباطل والخير والشر والطريق إليه بمعرفة «القانون الصناعى» الذي يقيه الغلط فى صواب النظر، واذا حقت الحاجة إليه فنشرح وجه غايته ومنفعته زيادة شرح فنقول:
الحاجة الى المنطق لدرك المجهولات، والمجهولات اما أن يطلب تصورها فقط او يطلب التصديق بالواجب فيها من نفى او اثبات. والتصور هو حصول صورة شيء ما فى الذهن فقط، مثل ما اذا كان له اسم فنطق به تمثل معناه فى الذهن مثل تمثل معنى المثلث او الانسان فى الذهن، دون ان يقترن به حكم بوجودهما او عدمهما او وجود حالة او عدمها لهما.
فانا قد نشك فى وجود شيء او عدمه، فيحصل فى ذهننا المعنى المفهوم من لفظه.
واما التصديق فهو حكم الذهن بين معنيين متصورين: بأن أحدهما الآخر
Bogga 53