وتحرج الأم وتعترف بالأسلوب الذي جمعت به ثراءها الملوث، إنها تدير أربعة «فنادق» في بعض المدن الأوربية، وكلمة «فنادق» هنا تتحمل معاني أخرى، إذ إن المسز وارينز تزودها بالفتيات الجميلات من إنجلترا حيث يقدمن إلى الزبائن لهذه الفنادق خدمات أخرى غير ما يفهمه المترددون من الزائرين العابرين الذين لا يطلبون غير المأوى، وتعرف فيفيان أن هذا الثراء الذي تتمتع به أمها إنما جاء عن طريق الاتجار بالرقيق الأبيض.
وتصطدم الأم بالبنت، وتدافع الأم عن موقفها، أي عن حياتها الماضية، وتقص على ابنتها تلك الدوافع التي دفعتها إلى طريق العار هذا، ونجد برنارد شو هنا في موقف الهجوم الذي يقفه في معظم دراماته، وهو أن المجتمع الحاضر يؤدي إلى فقر الكثير من أبنائه، وأن هذا الفقر هو عجلة جميع الرذائل ومنها هذا الاتجار بالرقيق الأبيض الذي تمارسه المسز وارينز التي تقص على ابنتها قصتها.
لقد ولدت في فقر ورأت أقاربها يموتون في الفقر والجوع والمرض، وقد عملت هي وأقاربها هؤلاء في بعض الأعمال الوضيعة التي كانت تطالبهم بمجهود 12 ساعة في اليوم مع أجر لا يزيد على بضع شلنات كل أسبوع، وكانت هذه الأعمال مع إيذائها للصحة وحرمانها للراحة «شريفة».
ولكن أختها «ليزا» رفضت هذا الشرف ومارست عملا محرما، ولكنه مكسب، يعود على الفتيات اللائي يمارسنه بالربح الكبير، وقيل - أو أشيع - أن هذه الأخت قد انتحرت، ولكن الواقع أنها كانت قد اختفت فقط حتى لا تثير غضب أسرتها أو فضيحتها.
أما المسز وارينز فكانت - وهي فتاة - قد احترفت عملا في حانة، ليس شريفا كل الشرف ولكنه بعيد عما انحدرت إليه اختها، وذات يوم وهي في «البار» تناول الشاربين كئوسهم المترعة بالخمور، إذا بأختها ليزا تدخل لتناول كأس من الوسكي وهي في أبهة من الجمال واللباس والفخامة.
وتلاقت الأختان وجرى الحديث بينهما، ثم استؤنف، وانتهت المسز وارينز إلى الأخذ بطريقة أختها في الحياة، وانهالت عليها بعد ذلك الأرباح التي أمكنتها من أن تحيى حياة المترفين وأن تعلم ابنتها في جامعة، وهي تذكر فضل السير كروفتس الذي ساهم في أعمالها بأربعين ألف جنيه.
أربعون ألف جنيه كان يحصل هو منها على ربح سنوي قدره 35٪ وكانت هذه الأعمال لا تزيد ولا تنقص عن البغاء، أي الاتجار بالرقيق الأبيض في تلك «الفنادق» المزعومة في مدن أوربا.
وتعرف فيفيان هذه الحقائق، وتسمع دفاع أمها عن سلوكها، وتعرف أنه لولا هذه الحرفة الساقطة لما استطاعت أمها أن ترسلها إلى الجامعة، ولكنها تسأل: من أبوها؟ وتراوغ الأم في الإجابة.
ولكن «فرانك» الشاب الوسيم يتحبب إلى فيفيان التي تستجيب لحبه وتلاطفه في رقة ولطف، وتجد الأم هذه العلاقة بين ابنتها وابن القسيس، فتنكرها، وتدعو ابنتها إلى الزواج من السير كروفتس شريكها في البغاء، ولكن فيفيان ترفض وتصر على حبها لفرنك ابن القسيس.
ويدخل القسيس فتخبره المسز وارينز بأن ابنتها تحب ابنه وأنهما يسعيان لعقد الزواج، ويرتاع القسيس، وتتحداه المسز وارينز، وكأنها تتحدى رياءه، بل تتحدى الأخلاق العامة التي تجري في الظلام بغير ما تبدو به في النور أمام الناس، وتتابع الأحاديث فنفهم أن فيفيان هي ابنة القسيس الذي كان في بعض صبواته قد أحب المسز وارينز وأعقب منها هذه الفتاة بالزنا.
Bog aan la aqoon