Bard Akbad
برد الأكباد عند فقد الأولاد
Noocyada
ومنها: تيقظ المبتلى من غفلته، وطيب نفسه ببره، وإخراج صدقته. [و] روينا عن إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب. قال: اعتل الفضل بن سهل ذو الرياستين علة بخراسان فهنوه بالعافية، وتصرفوا في الكلام، فلما فرغوا أقبل على الناس. فقال: إن في العلل لنعما ينبغي للعقلاء أن يعرفوها: تمحيص للذنوب، وتعرض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة وإذكار للنعمة في حال الصحة، واستدعاء للتوبة، وحض على الصدقة، وفي قضاء الله [تعالى] بعد الخيار. قال: فنسي الناس ما تكلموا به، وانصرفوا بكلام الفضل.
ومن فوائد الابتلاء: مقت الدنيا لأنكادها. وبعث النفس على العمل ليوم معادها. فإنه إذا تفكر في ذهاب أحبابه علم أنهم شربوا بكأس لا بد له من شرابه. قال محمد بن الحسن: دخلت على محمد بن مقاتل، فقلت له: عظني. فقال: اعمل، فإن مت لم تعد أبدا. وانظر إلى الذاهبين هل عادوا؟
تذهب أيامنا على لعب ... منا بها والذنوب تزداد
أين أحبابنا وبهجتهم ... بطيب أيام عيشهم بادوا
ومن فوائد الابتلاء: منع صاحب البلية من خصال غير مرضية، كالخيلاء والتكبر، والأشر والبطر، والتجبر، فكم من مبتلى بفقد العافية، حصلت له توبة خالصة شافية! وكم من مبتلى بنفاد ماله، انقطع إلى الله تعالى ففاز بحسن حاله، وكم من مصاب بفقد الأولاد، صبر على الحكم النافذ على العباد، فحصلت له من الله الصلوات والرحمة والهداية للرشاد.
وبتحقيق ذلك: يحصل الفرح الشرعي بالمصيبة وما يدانيها، لا الفرح الطبعي، فإن الكراهة بالطبع لا شك فيها. ولا يلام المصاب على حزن قلبه، ودموع عينيه، وإنما النياحة [ونحوها]، من القول والفعل تحرم عليه.
Bogga 117