============================================================
18 والرياء ، فمن رزق قلبا سليا منها كفاه ذلك ، ومن لم يسلم وتمكن من تطهير قلبه من غير معرفة أسبابها وحدودها وعلاجها وجب تطهيره ، وإن لم يتمكن إلا بتعلم تعين ذلك ، مثال علاجها أن يعالج الغضب عند هيجانه بأن يعلم ثواب كظم العيظ ، ويذكر قوله تعالى لموسى عليه السلام : من ذكرنى حين يغضب ذكرته حين أغضب ، ولم امحقه فيمن أمحق . وقوله له أيضا : " أتحب أن تأخذ أمانا من غضبى قال؛ نعم اقال : لا تغضب على مامن تحت يدك، ثم يخوف نفسه ويعلم آنه هو أقدر عليه ، ويحذر نفسه عاقبة الاتقام، فان العدو يشمر لمجازاته فتصير العداوة طويلة ، ويتفكر فى قبح صورة غيره عند الفضب فيقيس نفسه عليه ، ويعلم آنه يشبه السبع الضارى اذا استعمله ، ومتى استعمل الحلم والعفو أشبه الانبياء والاولياء ، ثم يتعوذ من الشيطان ويقول: اللهم رب النبى محمد اغفر لى ذنبى، وأذهب غيظ قلبى، وأجرنى من مضلات الفتن ، ويتوضا ويتحول من مكانه، وليجلس إن كان قائما، وليضطجع إن كان جالسا وعلاج سائر هذه الامراض مشهور ، وفى كتب الغزالى وغيرها مذكور {فصل} ثم بعد معرفة ما يتعين عليك فتعلم العلم النافع افضل من النوافل ومن سائر العلوم . قال الغزالى رحمه الله والعلم النافع هو ما يزيد فى خوفك من الله، وفى بصيرتك بعيوبك، وفى معرفتك بعبادة ربك، وفى رغبتك فى آخرتك، ويقلل رغبتك فى الدنيا، ويقصر أملك ، ويفتح بصيرتك بافات عملك لتحترز منها ، ويطلعك على مكايد الشيطان وتلبسه على علماء السوء حتى أكلوا الدنيا بالدين، واتخذوا علمهم وصلة إلى أموال السلاطين، وأكل مال الوقف والمساكين، وصرف همهم إلى طلب الجاء والمنزلة فى قلوب المحلوقين ، واضطرهم إلى المراء والمنافسة وما يغضب رب العالمين قال : وكل علم لا يدعوك من الدنيا إلى الآخرة فالجهل أعود عليك منه ،
Bogga 182