Inta ka Haray Waqtigu Saacad
الباقي من الزمن ساعة
Noocyada
فقالت وهي لا تكف عن البكاء: لا يهمني! - تمالكي عواطفك، أرجوك!
ولكن قلبها كان يتقطع إربا، والحزن يزحف مهيبا قاسيا منذرا بالخلود، وخرابة قاحلة تقترب لتكون لها منفى أبديا، لم يبق إلا قلب يخفق وحده كقرار نغمة يفتقد جوابه على الدوام. وفي صباح اليوم التالي لم يشر أحد بكلمة إلى «حادث» الأمس. انتشر السر مثل شعاع الشمس في الصيف ولكن تجاهلته الأعين فلم تره. ومضت أيام قبل أن يخلو إليها أبوها فيسألها: كيف حالك؟
فحركت شفتيها دون أن تنبس. عند ذاك قال بحنان لم تتوقعه: لا بأس من المعاناة فهي حال الدنيا، وعلينا أن نرضى بقضاء الله دون قيد أو شرط.
وربت على يدها وواصل: كنت يوما مثلك سعيدا بآمال لا تحصى، وفي بضع ساعات تقوض عالمي ففقدت عينا وساقا ونصف رزقي على الأقل، ولكنني لم أنهزم ولا ماتت ثقتي بالله، ومن يعتز بالإيمان لا يذل بالهوان، وربنا معك يا ابنتي!
انحسر ستار الغربة أمام دفقة سلام أبويه، ولكن سرعان ما جثم الظلام كرة أخرى. الحقيقة الثابتة أنها غريبة تماما في أسرتها، غربة لا يداويها الحنان أو الحب؛ إنهم يتعاملون مع «أخرى» لم يعد لها وجود ، وما هم في الحق إلا أعداؤها. أكان أبوها يخاطبها بهذا الأسلوب لو علم بما خسرته من جسدها وروحها؟! المسألة في نظره تنحصر في حبها لشاب يرفضه هو لعقيدته وعدم كفاءته لها، ولعله سر بالقدر الذي أزاحه من طريقه مؤملا في الوقت نفسه أن يهبها الحظ من هو خير منه. إنها في واد وأباها في واد آخر، ولا إنقاذ لها إلا أن تهاجر بطريقة ما من هذا البيت الذي تقطعت بينها وبينه الأسباب. وهل بقي لها من عزاء إلا في ثوريتها وهي الإرث الحقيقي لحبيبها؟! وستظل بين حاضر مشتعل ومستقبل غامض تحت تهديد دائم بالحرج والفضيحة. ولم يشر محمد بكلمة واحدة إلى مأساة ابنته في البيت القديم. وأصبحت منيرة محتكرة الصوت المعارض الوحيد في جلسة الجمعة. قال لها محمد: إنه عهد أمان بعد خوف، وقانون بعد فوضى!
فقالت منيرة ساخرة: تجلت وحشيته في قمع المظاهرات!
فتقبض قلب محمد وقال بفتور لم يلحظه أحد: حال استثنائية، والموقف يتطلب الحزم! - دائما يدور الكلام عن الموقف، والحقيقة أنه لن يجرؤ على خوض حرب!
وكان محمد في أعماقه يؤمن بذلك. وتساءلت كوثر: لماذا تريدين الحرب؟ .. سيجند ابناك بعد عامين على الأكثر. - لا أريد الحرب ولكني أريد أن أقول إنهم يتخذون منها عذرا لوحشيتهم!
فقالت سنية: لندع له بالتوفيق.
فقالت منيرة بامتعاض: صدقوني إنه لن يقنع بتصفية السلبيات الماضية ولكنه سيلحق بها الإيجابيات أيضا.
Bog aan la aqoon