Inta ka Haray Waqtigu Saacad
الباقي من الزمن ساعة
Noocyada
فنظرت من الكوة صوب النيل وهي ترفع منكبيها استهانة، فقال لنفسه إن هذه الحجرة ذات التاريخ الطويل في سوء السمعة تستقبل - لأول مرة - صدقا وأصالة. ورغم تظاهرها بالثبات انتفض داخلها بتيارات متضاربة. وكانت رغبتها لا تقل عن رغبته ولكنها لم تطاوعه بدافع رغبتها، أو لم تطاوعه بدافع رغبتها وحدها، وأقنعت نفسها بأنها لا تستسلم ولكنها تثب إلى قمة فريدة، غير أنها شعرت من ناحية أخرى بأنها تتردى إلى قعر هاوية من الأسى الدائم. وحدست بغريزة ما أنه - على عنفه الظاهر - في حاجة إلى حنانها، وبأنها ستفتقد الحنان إلى الأبد. ووهبت الكثير دون أن تنال ذرة من عطاء لاضطرام عقلها، أما هو فمسح على وجهه في ارتياح وتمتم: بكل بساطة، هذا هو الزواج!
فامتعضت لهذا القرار المحفوف باليأس ولكنها ابتسمت، فسألها: كيف تشعرين؟
فأجابت وهي تلثم خده: بالسعادة. - أعترف بأنك حظي من الحياة.
فقالت برجاء: لعلك لا تستسلم للحنق بعد الآن!
فتفكر قليلا ثم قال: إنه الوجه الآخر للحب العميق!
هكذا ولدت من جديد في عالم جديد، تمادت في التوغل فيه بكل قوة، لا اختيار لها، فإما الثورية وإما الضياع؛ إنها تنفصل نهائيا عن أبيها وأمها وأخيها، وتعايشهم اليوم كفرد من طابور خامس. واستعرضت رحلتها الطويلة ما بين رشاد وعزيز فبدت خيالية، وأن كل خطوة تخطوها ينهدم ما وراءها فينقلب هاوية لا تسمح بالتراجع قيد أنملة. وغمغمت لنفسها: يوجد أيضا حزن عميق.
متى يتأتى لها أن تنشر أسرارها دون مبالاة؟! وضاعفت من اجتهادها الدراسي لهفة على الاستقلال. ولم يجد جديد بالنسبة لمشروع رشاد عن الزواج، ولم يحضر في ميعاد إجازته الدورية. بدلا من ذلك بلغتهم أنباء رسمية بأنه يعالج في مستشفى الجيش من إصابة غير خطيرة. هرعت إليه كوثر وسنية وهما على حال من الفزع لا توصف. وعرفا أن ثمة شظية أصابت ترقوته اليمنى تحتاج إلى اعتكاف قصير. وكانت إصابة كوثر أفدح من إصابته رغم أن حاله دعت إلى الاطمئنان التام. وقالت له كوثر: لن ترجع إلى الجبهة فيما أعتقد.
فضحك قائلا: سأرجع حال شفائي.
ثم وهو يربت على ظهر كفها: نحن نقترب من هدنة!
ولكن كوثر آمنت بأنها أيام حروب وفواجع. وقالت: كنا نستعد للزواج؟
Bog aan la aqoon