116

البنك اللاربوي في الاسلام

البنك اللاربوي في الاسلام

أما من جهة الصغرى: فقد فرض في هذا التقريب ان الدرهم موضوع بإزاء نفس عملية الإقراض لا على المال المقترض، ولكن يمكن ان يقال بهذا الصدد ان الارتكاز العقلائي قائم على كون الدرهم في مقابل المال المقترض لا في مقابل نفس الإقراض.

وجعله بإزاء عملية الإقراض مجرد لفظ.

........................................ صفحة : 166

وعليه فلا نتصور الجعالة في ذلك لأن الجعالة: فرض شي ء على عمل، لا على مال. وبعد إرجاع الدرهم في محل الكلام بالارتكاز العقلائي إلى كونه مجعولا في مقابل المال لا تكون هناك جعالة بل يكون الدرهم ربويا لأنه زيادة على المال المقترض.

وأما من جهة الكبرى: بمعنى أنا لو افترضنا ان المتعاملين (الدائن والمدين) تحررا من ذلك الارتكاز العقلائي واتجهت إرادة المدين حقيقة إلى جعل الدرهم بإزاء نفس عملية الإقراض، فهل هذه الجعالة صحيحة؟ أولا؟.

ولكي نعرف جواب ذلك لا بد أن نعرف حقيقة الجعالة، فإنه يمكن القول فيها أن استحقاق الجعل المحدد في الجعالة ليس في الحقيقة إلا بملاك ضمان عمل الغير بأمره به لا على وجه التبرع، فأنت حين تأمر الخياط الخاص بأن يخيط لك الثوب فيمتثل لأمرك تضمن قيمة عمله وتشتغل ذمتك بأجرة المثل.

وهذا نحو من ضمان الغرامة في الأعمال على حد ضمان الغرامة في الأموال، وبإمكانك في هذه الحالة إن تحول أجرة المثل منذ البدء إلى مقدار محدد فتقول: من خاط الثوب فله درهم أو: إذا خطت الثوب فلك درهم، فيكون الضمان بمقدار ما حدد في هذا الجعل، ويسمى هذا جعالة. فالجعالة بحسب الارتكاز العقلائي تنحل إلى جزئين: أحدهما، الأمر الخاص أو العام بالعمل أي بالخياطة مثلا. والآخر، تعيين مبلغ معين بإزاء ذلك. والجزء الأول من الجعالة هو ملاك الضمان، والضمان هنا من قبيل

Bogga 123