فجعل فيه البيان ودل به على النعم وأجرى به القلم فيما أبرم وحتم ودرأ وبرأ وحكم وقضا صرف الكلام باللغات المختلفة على المعاني المتفرقة الفها بالتقديم والتأخير والأشباه والمناكر والموافقة والتزايد فأدَّتهُ الآذان إلى القلوب وأدته القلوب إلى الألسن بالبيان استدل به على العلم وعبد به الرب وأبرم به الأمر وعرفت به الأقدار وتمت به النعم فكان من قضاء الله وقدره أن قربت زيادًا وجعلت له بين آل سفيان نسبًا ثم وليته أحكام العباد يسفك الدماء بغير حلها ولا حقها ويهتك الحرم بلا مراقبة الله فيها خؤون غشوم كافر ظلوم يتحير من المعاصي أعظمها لا يرى لله وقارًا ولا يظن أن له معادًا وغدًا يعرض عمله في صحيفتك وتوقف على ما أجترم بين يدي ربك ولك برسول الله ﷺ لى الله عليه أسوة وبينك وبينه صهر فلا الماضين من أئمة الهدى اتبعت ولا طريقتهم سلكت جعلت عبد ثقيف على رقاب أمة محمد صلى الله عليه يدبر أمورهم ويسفك دماءهم فماذا تقول لربك يا معاوية وقد مضى من أجلك أكثره وذهب خيره وبقي وزره إني امرأة من بني ذكوان وثب زياد المدعي إلى أبي سفيان على ضيعتي ورثتها عن أبي وأمي فغصبنيها وحال بيني وبينها وقتل من نازعه فيها من رجالي فأتيتك مستصرخة فإن أنصفت وعدلت وإلا وكلتك وزياد إلى الله ﷿ فلن تبطل ظلامتي عندك ولا عنده والمنصف لي منكما حكم عدل فبهت معاوية ينظر إليها متعجبًا من كلامها ثم قال ما لزياد لعن الله زيادًا فإنه لا يزال يبعث على مثالبه من ينشرها وعلى مساويه من يثيرها ثم أمر كاتبه بالكتاب إلى زياد يأمره بالخروج إليها من حقها وإلا صرفه مذمومًا مدحورًا ثم أمر لها بعشرين ألف درهم وعجب معاوية وجميع من حضره من مقالتها وبلوغها حاجتها.
كلام أم سنان بنت خيثمة
بن خرشة
قال حدثنا العباس بن بكار قال حدثني عبد الله بن سليمان المديني عن أبيه عن
1 / 67