Badda Madmadow
البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
Baare
أحمد عبد الله القرشي رسلان
Daabacaha
الدكتور حسن عباس زكي
Lambarka Daabacaadda
١٤١٩ هـ
Goobta Daabacaadda
القاهرة
Noocyada
Fasiraadda
ولما ضرب الله الأمثال في القرآن للمنافقين وغيرهم تكلم في ذلك بعض الكفار والملحدين، بينّ الحق تعالى وجه ذلك فقال:
[سورة البقرة (٢): الآيات ٢٦ الى ٢٧]
إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (٢٦) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧)
قلت: الحياء: خُلُق كريم يمنع صاحبه من ارتكاب ما يعاب به، وفي الحديث: «إنَّ الله حَيِيٌ كَريم»، و(مثلًا) مفعول، و(ما) نكرة، صفته، و(بعوضة) بدل، والبعوضة: الذباب. وفي الحديث: «لوْ كَانَتِ الدُّنيَا تُسَاوِي عندَ الله جَنَاحَ بعُوضَةٍ مَا سَقَى الكافرَ منها جَرْعَة ماءٍ»، وقيل: صِغَار البَقِّ، أي: إن الله لا يترك أن يضرب مثلًا- أيّ مثل كان- بعوضة فما فوقها. أو (بعوضة) مفعول أول، و(مثلًا) مفعول ثانٍ، من باب جعل، و(ماذا) إما مبتدأ وخبرِ، على أن (ذا) موصولة، أو مفعولة بأراد على أنها مركبة، و(مثلًا) حال أو تمييز. والفسق: الخروج، يقال:
فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها.
يقول الحق ﷻ: إِنَّ اللَّهَ لا يترك ترك المستحيي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا بالخسيس والكبير كالذباب والعنكبوت وغير ذلك. فأما المؤمنون فيتيقَّنُون أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ، وحكمته: إبراز المعاني اللطيفة في قوالب المحسوسات ليسهل الفهم، وأما الكفار فيعترضون ويقولون: مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بهذه الأمثال؟ فإن الله منزه عن ضرب الأمثال بهذه الأشياء الخسيسة، قال الله تعالى فِى الرد عليهم: أراد بهذا إضلال قوم بسبب إنكارها، وهداية آخرين بسبب الإيمان بها، وَما يُضِلُّ بذلك المثل إلا الخارجين عن طاعته، الَّذِينَ نقضوا العهد الذي أُخذ عليهم في عالم الذَّرِّ، أو مطلق العهد، وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ من الأنبياء والرسل والأرحام وغيرها، وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بالمعاصي والتعويق عن الإيمان، أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ الكاملون في الخسران، نعوذ بالله من الخذلان.
1 / 90