152

Badda Madmadow

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

Tifaftire

أحمد عبد الله القرشي رسلان

Daabacaha

الدكتور حسن عباس زكي

Daabacaad

١٤١٩ هـ

Goobta Daabacaadda

القاهرة

Noocyada

Fasiraadda
وقلت في تائيتي الخمرية في وصف الخمرة الأزلية:
تنزهت عن حكم الحلول في وصفها ... فليس لها في سوى شَكْلهِ حَلَّتِ
تجلت عروسا في مرائي جمالها ... وأرخت ستور الكبرياء بِعزَّةِ
فمَا ظَهَر في الكون غير بهائها ... وما احتجبت إلا لحجب سريرة
ولما قالت اليهود: عزيز ابن الله، وقالت النصارى: الْمَسِيحُ ابْنُ الله، وقالت المشركون: الملائكة بنات الله، رد الله تعالى عليهم بقوله:
[سورة البقرة (٢): الآيات ١١٦ الى ١١٧]
وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْرًا فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)
قلت: هذه الجملة معطوفة على قوله: وَقالَتِ الْيَهُودُ ... الخ، ومن قرأ بغير واو جعلَها مستأنفة، و(بديع):
بمعنى مُبدِع، والإبداع: اختراع الشيء من غير تقدم شيء. وقوله: (كن فيكون)، قدّره سيبويه: فهو يكون، وقرأ ابن عامر بنصب المضارع، ولَحَّنه بعضُهم لأن المنصوبَ في جواب الأمر لا بد أن يصلح جوابًا لشرطه، تقول:
اضرب زيدًا فيستقيم، أي: إن تضربه يستقيم، ولا يصلح أن تقول هنا: إن يكن يكن، وقد يجاب بحمله على المعنى، والتقدير: إن قلت كن يكن.
يقول الحق ﷻ: وقالت اليهود والنصارى والمشركون: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا تعالى الله عن قولهم، وتنزه عن ذلك لأنه يقتضي الجنسية والمشابهة والاحتياج، والحق منزَّهٌ عن ذلك. بل كل ما استقر في السموات السبع والأرَضين السبع ملكه وعبيده، فكيف يكون العبد ولدًا لمالكه؟. وأيضًا كل ما ظهر في الوجود كله قانت، أي: خاضع ومطيع لله، وعابد له، ومقهور تحت حكمه ومشيئته، وذلك مُنافٍ لحال البُنوة.
وأيضًا: كل ما دخل عالم التكوين فهو مُبْدَع ومَخترَع لله، ومصنوع من مصنوعات الله، فلا يصح أن يكون ولدًا، وأيضًا: الولد يحتاج إلى صاحبة ومعالجة ومهلة، والحق تعالى أمره بين الكاف والنون، بل أسرع من لحظ العيون، فإِذا قَضى أَمْرًا أي: أراده، فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، ولا يتوقف على لفظة كُنْ، وإنما هو كناية عن سرعة الاقتدار.

1 / 157