Farxadda Waqtiga
بهجة الزمن
Noocyada
[70/أ]وفي يوم الإثنين غرة شهر رجب من السنة المذكورة مات السيد الشريف العلامة العارف محمد بن إبراهيم بن مفضل بن علي بن الإمام شرف الدين بمستقره شبام كوكبان. كان المذكور من أوعية العلم، وفي كل فن له نصيب، مع الوقار، وحسن العبادة والتهذيب، أول قراءته على القاضي العارف أحمد بن صالح العنسي في النحو، وعلى الفقيه العلامة عبد الرحمن الحيمي بصنعاء؛ لأنه رحل من كوكبان لطلب العلم فيها، فاستفاد في علم النحو، والعربية، والمعاني، والبيان والأصول الفقهية، وأخذ على الفقيه محمد بن علي الجملولي بكوكبان في الفقه، وكان شرع في سماع صحيح البخاري عن الشيخ عبد الواحد النزيلي رحمه الله، واستجاز منه، ولم يزل على ذلك مدرسا في مدينة شبام، مدة هذه الأعوام، حتى ختم الله تعالى له بأجله المحتوم في شبام كوكبان رحمه الله تعالى. وله من التصانيف تهذيب سيرة جده الإمام شرف الدين في مجلد لطيف، اقتصر فيه على الحوادث بأخصر عبارة مهذبه بالتسجيع، محققة في التجميع، وله نظم ورقات الجويني في أصول الفقه،، وكان كاملا بالمعرفة، حائزا لخصال جده، واستفاد عليه كثير من الآخذين عنه رحمه الله. وكان في الفقه أيضا[70/ب] مشاركا مفيدا فيه ومفتيا. وكان قد ارتحل بأهله قبل العام الأول إلى وادي ضهر، وسكنه بأولاده وبنى به دارا، واشترى فيه عنبا وبستانا، وسكنه مدة عامين اثنين، ثم عاد إلى محله شبام كوكبان. وكان عزمه إلى وادي ضهر متنكدا، لما تغير ما يعهده من الحال السابق في قبول الشفاعات والمطالب مدة الأمير ناصر بن عبد الرب ، وأول أيام ولده عبدالقادر، مع أن المذكور ما يترك له الحق، إلا أنه دون ما كان عليه في الزمان الأسبق، فلما مضت تلك الأيام بأخذ نزهته، وزال عنه ما اعتراه من كربته، وما في نفسه عاد أول هذا العام. وكان عوده إلى بيته بمحروس شبام، ثم طلع في الشهر الماضي إلى بيت والده بكوكبان، وزيارة كريمته وأقاربه فآنسه عبد القادر، ثم عاد إلى بيته بشبام، ومات فيه بألم الإسهال، وقبر بشبام، والله أعلم.
وكان المذكور يميل إلى السنة[71/أ] كما رواه لي الفقيه محمد بن أحمد النزيلي الشافعي مدة حياته، وهو من جملة الآخذين عنه، ومن تلامذته في أصول الفقه والعربية، ومن جملة من استفاد عليه. قال المذكور: إلا أنه لا يحب أن يظهر ذلك لأهل زمانه، ولذلك لا يكثر في المماراة في مراجعته، وهو الذي يظهر من حاله، وله طريق في علم الحديث، أخذه عن بعض بني النزيلي، أظنه عبد الواحد النزيلي، وقرأ عليه أول فواتح البخاري، والله أعلم.
وفي ثالث شهر رجب عادت الزلزلة في ضوران أيضا بعد الزلازل الأولة[71/ب] من آياته تعالى التي قد تضمنها قوله: {وما نرسل بالآيات إلا تخويفا}، ولكن أشكل اختصاص ذلك المحل بها دون غيره من سائر الأنحاء، فلعله لحكمة يعلمها تعالى، ولما حصل من الجور في اليمن الأسفل بالمطالب، أو لحكمة يعلمها الله تعالى، فإن الله على كل شيء قدير: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا }.
وفي عاشر شهر رجب هذا وصل الخبر بدخول أصحاب العماني البحر، وخروجهم من مسكت عن البر، لما تحركت ريح الشرق وسبر لهم ظهر البحر، وحصل الوهم أن قصدهم سواحل اليمن إلى جهة المخا وعدن، وكان الإمام وأحمد بن الحسن مهتمين بهم في غاية الشجن، فلما طرقهم الخبر بالخروج زادوا من عندهم من العسكر رئيسهم حسين مبشر، غير من قد كان في تلك النهوج، فأرسل أحمد بن الحسن من صنعاء الشيخ ابن مذيور وأصحابه من عسكر الحيمة وغيره، وحثهم على الصدور، خشية لا يحصل في عدن ما يحصل عند الوصول والحضور، وقد صار حال أهل هذين البندرين وهما المخا وعدن في هاتين السنتين كما قال الشاعر:
لقد خفت حتى لو تمر حمامة
لقلت عدوا أو طليعة معشر[72/أ]
فإن قال خير قلت هذه خديعة وإن قال شر قلت حق فشمر
Bogga 388