Farxadda Waqtiga
بهجة الزمن
Noocyada
فهذا لا أصل له، وهو حديث مقلوب محرف مزيد في آخره ما ليس فيه، وإنما الحديث على غير هذا اللفظ. وقال في رسالته هذه محتج على غيره، وهو حجة على نفسه بقوله تعالى:{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس } قال: فبادروا بالرجوع إلى الله بالتوبة الصادقة والإقلاع عن المعاصي والتخلص عن المظالم لله وللعباد، فهذا حجة عليه بتخلصه من المظالم التي عليه، وما جرى منه سابقا من البغي على الإمام المؤيد والقتول واستهلاك خزانة والده جميعا ولا صار ما هو لبيت مال إلى الإمام، ولا صار ما هو ملك للورثة، وما هو مطالب فيه أيضا من الديون من كثير من التجار ولم يسلمها لهم، وكذلك مطالب بأشياء من الجنايات التي صدرت منه[205/ب] في بغيه بغير حق وتهوره من بعد ذلك في بيوت الأموال، فإن مصروف بيوته في الشهر على ما روى أربعة آلاف حرف من غير الطعام والكسوات، ولو كان جزءا يسيرا لكان بيت المال يحتمله في خاصتة، فأما هذا القدر فما قد اتفق لأحد قبله ولا يتفق لأحد بعده في ملوك اليمن: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} . وذكر في رسالته هذه في التتن التشديد على ولاته وقضاته في تحريم بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء، وقال: ما لم يمتثل رفعوه إلينا، وسيرى من لم يمتثل سيف الإنتقام بأيدينا التي هي قادرة وشدة شكيمتها لدين الله القاهرة، فهذا من الجهل حيث أوجب فيمن باع الشيء بأكثر من سعر يومه يستوجب القتل، مع إجماع العلماء أنه لا يستوجب ذلك في الربا المجمع عليه المتفق وإنما يضرب ويؤدب، فكيف هذه المسألة! وهي بيع الشيء بأكثر من سعر يومه الذي في الحقيقة القائل بأنها من الربا مخالف للإجماع إن لم يقل به غير الهادي، وإجماع كافة العلماء أنها ليست من الربا. ثم ذكر التتن فقال: التتن من المضار في الأبدان، ومن القبائح المفسدة والمانعة عن الأديان، واجتناب ذلك واجب، فمن يرجع إلينا ويعول في أمر دينه علينا فليترك ذلك ولا يقاربه، فمن لم يمتثل فقد برئ منا وبرئنا منه، انتهى.
فانظر وأعجب من هذا فإني لما ذكرت له ما وجه تحريم التتن فلم يجد حجة، فقلت له: مكروه، ولا دلالة على التحريم، فقال : نعم مكروه.
[206/أ] وفي هذا الشهر بعث الملك المهدي كتبا إلى اليمن الأسفل بأن التتن يترك إطلاعه إلى البلاد العليا، وأنه يرجح التحريم لتلك الشجرة المباحة التي توهم فيها من توهم ممن يعرف المعرفة التامة، فما كاد يتم به أمره كل التمام، ولا امتثل له أحد فيما أمر به ورام؛ لأن الحلال بين، والحرام بين، والله غالب على أمره، لا يمكن أحد أن ينفذ أمره في المخالفة لإجماع الإسلام، والأقوال الشاذة شاذة تضمحل فيها الأحكام.
وفي هذه المدة بشهر صفر ما زال التخليط في البلاد الشامية في طرقها وعدم انتظام أمور ولاتها وأمرها ونهيها، وتفرغ الحرامية للنهب، خصوصا العصيمات، ومن إليهم من أهل الحرامات، فاستباحوا تلك الجهات. والقاسم عند ذلك صاحب شهارة أظهر بعض ما كان عليه من دعوته وعلامته إلى من كان يجيبه من أهل نصرته، فيكتب إليهم بالمنصور، وأما إلى غيرهم فبالقاسم، ومن كان بايعه أوأجابه لا يسميه إلا بالمنصور.
Bogga 569