212

Bahjat Nufus

بهجة النفوس والأسرار في تاريخ دار هجرة النبي المختار - الجزء1

Tifaftire

أ د محمد عبد الوهاب فضل، أستاذ تاريخ الحضارة الإسلامية - جامعة الأزهر

Daabacaha

دار الغرب الاسلامي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

٢٠٠٢ م

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

سمعت والدي - رحمه الله تعالى - يقول: سحرت امرأة من أهل اليمن زوجها، وغيّرت صورته، واتفق لهم حكاية طويلة، ثم تشفّع فيه بعض الناس، فقالت امرأته: لا بد أن أترك فيه علامة، فأطلقته ولكن بعد أن نبت له ذنب نعت ذنب الحمار، فحج وهو على تلك الحالة، فشكى ذلك إلى أبي عبد الله محمد بن يحي الغرناطي (^١) - فقيه كان بمكة - فأمره بالسفر إلى المدينة، فسافر في طريق المشيان إليها، قال: فعند وصوله إلى قباء سقط منه ذلك الذنب بإذن الله تعالى (^٢).

(^١) محمد بن علي بن يحيى الأندلسي، أبو عبد الله الغرناطي، كان عارفا بمذهب مالك (ت ٧١٥ هـ). انظر: الفاسي: العقد الثمين ٢/ ٢١٨ - ٢١٩.
(^٢) كذا ورد عند النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٣١ - ٣٢) نقلا عن المصنف، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ١٢٧ - ١٢٨ نقلا عن المصنف أيضا.
وحكاية المصنف هذه القصة بهذا الأسلوب الذي يدل بدلالة مفهومة على أن للسحر تأثيرا في الأعيان، وأن مجرد التبرك بدخول المدينة كفيل بالعلاج من السحر المؤثر في الأعيان اعتقاد باطل من وجوه:
لم نقف على سند لهذه القصة في مصنفات السابقين للمرجاني، والمرجاني لم يذكر سندها ولا تاريخ وقوعها ولم يسندها إلى الثقات وإنما ذكرها على سبيل الحكاية.
أن الله تعالى صرح في قرآنه باستحالة جريان السحر على المحسوس وصرح بأنه يجري على المرئي فقط، وذلك بدليل أن الله تعالى صرح بأن كل ما صنعه سحرة فرعون مجرد تخيل وإيهام جرى على المرئي لا على المحسوس فقال تعالى: قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى - طه آية ٦٦ - وبدليل أن الله شهد على موسى بالرعب والذهول حين سحرت الفراعنة عينية حين خيلوا إليه من سحرهم أن الحبال حيات تسعى فقال تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى - طه آية ٦٧ - .
والوجه الصحيح لتأويل صيرورة المسحور له ذنب: أن يحمل ذلك على التخييل القوي الذي ملك قلب المسحور والذي قوى تخييله ضعف إيمانه، الأمر الذي حدا به إلى الاعتقاد بأنه غدا له ذنب كذنب الحمار.
ومن ابتلى بالسحر فيلزمه أمور منها: قراءة آيات السحر المأثور قراءتها عن النبي ﷺ، أخرجها ابن السني في عمل اليوم ص ٢٣٦ حديث برقم (٢٣٧) ر، التوبة الخالصة لله تعالى من الكبائر، الصبر على بلاء السحر بدليل أن صحابية كانت تصرع وتنكشف فقالت لرسول الله ﷺ ادع الله تعالى لي بالشفاء، فقال لها: اصبري ولك الجنة، قالت فادع الله ألا أنكشف، فدعي، فكانت بعد النبي ﷺ تصرع ولا تنكشف. أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٤٧ عن ابن عباس.

1 / 215