قال أكثم بن صيفي: جدُّك لا كدُّك.
قال أشجع السُّلمي:
سبق القضاء بكلِّ ما هو كائنٌ ... فليجهد المتقلِّب المحتال
قالوا: أسعد الناس: من كان القضاء له مساعدًا، وكان لذلك أهلا، وأشقى الناس: من كان مشغولًا بلا دين ولا دنيا، ولم يثق بأحد لسوء ظنه، ولا وثق به أحدٌ لسوء فعله.
قال أبو الأسود الدُّؤلي:
المرء يحمد سعيه من جدِّه ... حتَّى يزيَّن بالَّذي لم يعمل
وترى الشَّقيَّ إذا تكامل حدُّه ... يرمي ويقذف بالَّذي لم يفعل
أنشد ابن الأعرابي:
الجدُّ أنهض بالفتى من عقله ... فانهض بجدٍّ في الحوادث أو ذر
فلقد يجد المرء وهو مقصرٌ ... ويجدُّ ثم يحدُّ غير مقصِّر
وقال يزيد بن محمَّد المهلَّبيّ:
وإذ جددت فكلّ شيءٍ نافعٌ ... وإذا حددت فكلُّ شيءٍ ضائر
وإذا أتاك مهلَّبيٌ في الوغى ... والسَّيف في يده فنعم النَّاصر
قال أبو يعقوب الخزيمي، وإسمه إسحاق بن حسَّان:
لا تنظرنّ إلى عقلٍ ولا أدب ... إن الجدود قرينات الحماقات
وقال خراش بن زهير:
وكانت قريشٌ يفلق الصَّخر جدُّها ... إذا أوهن النَّاس الجدود العواثر
وقال الحارث بن حلِّزة:
عش بخيرٍ لا يضر ... ك النَّوك ما لاقيت جدَّا
والنَّوك خيرٌ في ظلا ... ل الرّزق ممَّن عاش كدَّا
وقال آخر:
فعش في ظلّ أنوك حالفته ... مقاديرٌ يساعدها الصَّواب
ذهاب المال في حمدٍ وأجرٍ ... ذهابٌ لا يقال له ذهاب
قيل لزياد: ما الحظّ؟ قال: من طال عمره، ورأى في عدوه ما يسره فهو ذو حظ.
وكان يقال لا حظّ إلا ما أشخص عنك ما تكره، وجلب إليك ما تحب.
قال محمد بن أبي حازم الباهلي:
لا تعجبنّ لأحمقٍ ... نال الغنى من غير كدِّه
ولعاقلٍ ما يستقلّ ... فكُّلهم يسعى بجدِّه
وقال امرؤ القيس:
وقاهم جدَّهم ببني أبيهم ... وبالأشقين ما كان العقاب
وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابيّ:
وما لبّ الَّلبيب بغير حظٍّ ... بأغنى في المعيشة من فتيل
رأيت الحظّ يستر عيب قومٍ ... وهيهات الحظوظ من العقول
ولحسان أو لابنه عبد الرحمن:
وإنَّ امرءًا يمسي ويصبح سالمًا ... من النَّاس إلاَّ ما جنى لسعيد
وقال أعرابيّ:
وإنّ الَّذي ينجو من النَّار بعدما ... تزوَّد من أعمالها لسعيد
ولبعض أهل عصرنا:
أرى همم المرء ما لم يكن ... يساعده السَّعد همًَّا عليه
وقد يعجز المرء ذو الإحتيال ... إذا الله لم يقض رزقًا إليه
وقال صالح بن عبد القدوس:
وليس رزق الفتى من حسن حيلته ... لكن جدودٌ بأرزاقٍ وأقسام
كالصَّيد يحرمه الرَّامي المجيد وقد ... يرمي فيرزقه من ليس بالرَّامي
ولرجل من بني قريع أو للمعلوط، وقيل: إنها لحاتم الطائي:
متى مايرالنَّاس الغنيَّ وجاره ... فقيرٌ يقولوا عاجزٌ وبليد
وليس الغنى والفقر من حيلة الفتى ... ولكن أحاظٍ قسِّمت وجدود
وكائن رأينا من غنىٍّ مذمَّمٍ ... وصعلوك قومٍ باد وهو حميد
ومعطى ثراء المال من غير قوَّةٍ ... ومحروم جمع المال وهو جليد
ٍوقال حبيب الطائي:
أبا جعفر ٍإنّ الجهالة أمُّها ... ولودٌ وأمّ العلم جذَّاء حائل
وله أيضًا:
فإنِّي ما حورفت في طلب الغنى ... ولكنَّكم حورفتم في المكارم
احتاج أبو الأسود الدؤلي إلى جار له يستقرض منه، وكان حسن الظَّنِّ به، فاعتلَّ عليه ودفعه، فقال أبو الأسود:
فلا تطمعن في مال جارٍ لقربه ... فكلّ قريبٍ لا ينال بعيد
وفوِّض إلى الله الأمور فإنَّما ... تروح بأرزاقٍ عليك جدود
ولا تشعرنَّ النَّفس يأسًا فإنَّما ... يعيش بجدٍّ عاجزٌ وبليد
وفي نحو هذا لبعض أهل عصرنا:
1 / 37