قال الفرزدق لكثير - وقد أنشد: ما أشبه شعرك بشعري! أفكانت أمك أتت البصرة؟ فقال: لا ولكن أبي أتاها، ونزل في بني دارم.
قال المثّقب العبديّ:
وكلمة حاسدٍ من غير جرمٍ ... سمعت فقلت مرّي فانفذيني
وعابوها عليَّ ولم تعبني ... ولم يعرق لها يومًا جبيني
وما من شيمتي شتم ابن عميِّ ... ولا أنا مخلفٌ من يرتجيني
وذو الوجهين يلقاني طليقًا ... وليس إذا تغّيب يأتليني
بصرت بعيبه فكففت عنه ... محافظةً على حسبي وديني
قال رجلٌ من بني عجل لأبي الرَّوحاء الشاعر، بهمذان: ممن الرجل؟ قال: من العجم. قال العجلي: إنما الشعر للعرب، والمحال أن يقول الشعر رجل من العجم حتى ينزو على أمه رجل من العرب. فقال أبو الروحاء: فكل من لم يقل الشعر من العرب، فقد نزا على أمه رجل من العجم على هذا القياس.
قال مسكين الدارمي:؟ وإذا الفاحش لاقى فاحشًا فبهذا وافق الشَّنّ الطبق
إنما الفحش ومن يعتاده ... كغراب البين ما شاء نعق
أو حمار السُّوء إن أمسكته ... رمح الناس وإن جاع نهق
أو غلام السُّوء إن جوّعته ... سرق الجار وإن يشبع فسق
قال رجل لشريح القاضي: لشد ما ارتفعت فقال له شريح: هل ضرك ذلك؟ إنك لتبصر نعمة الله على غيرك وتعمى عنها في نفسك.
قيل لمزيد - وهو يحمل شيئًا تحت إبطه -: يا مزيد! ما هذا الذي تحت حضنك؟ قال: يا أحمق! ولم خبأته؟ قال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد إني قد هجوت إبليس، أفتسمع؟ فقال له الحسن: اسكت، فإنك على لسانه تنطق.
قيل لأعرابي: أتهمز الفارة؟ قال: إنما يهمزها السنور. قال حمزة الكسائي: أتهمز الذيب؟ قال: لو همزته أكلني.
سأل رجل من الشعراء رجلا من المتكلمين بين يدي المأمون، فقال: ما سنك؟ قال: عظم. قال: لم أرد هذا، ولكن كم تعدَّ؟ قال: من واحد إلى ألف ألف وأزيد. قال: لم أرد هذا، ولكن كم أتى عليك؟ قال: لو أتى علي شيء لأهلكني. فضحك المأمون. فقيل له: كيف السؤال عن هذا؟ فقال: أن تقول؟ كم مضى من عمرك.
لقي رجل رجلًا راكبًا، فقال له: أين تنزل فقال له: حيث أضع رجلي.
وهب المفضل الضبي لبعض جيرانه أضحية، فلقيه بعد النحر، فقال: كيف وجدت أضحيتك؟ فقال: ما وجدت لها دمًا، أراد قول الشاعر:؟ ولو ذبح الضّبِّي بالسيف لم تجد من اللؤم للضَّبِّيِّ لحمًا ولا دما اجتمع ناس من الشعراء على باب عدي بن الرِّقاع الشاعر، فخرجت بنت له، فقالت: ما تريدون، قالوا: نريد أباك لنخزيه ونفضحه. فقالت:
تجمّعتم من كلِّ أوبٍ وبلدةٍ ... على واحدٍ لا زلتم قرن واحد
تفاخر أهل الكوفة وأهل البصرة، فقال ابن شبرمة - وكان كوفيًا -: لنا أحلام ملوك المدائن، وسخاء أهل السواد، وظرف أهل الحيرة، ولكم سفه السند، وبخل الخزر، وحمق أهل غسان. قال الربيع الحاجب لشريك القاضي بحضرة المهدي: بلغني أنك اختنت أمير المؤمنين. فقال شريك: لا تقل ذلك. لو كنت اختنته لكان قد أتاك نصيبك.
قال مؤدب يزيد بن عبد الملك يومًا له: لحنت. فقال: الجواد يعثر. قال المؤدب: إي والله، ويضرب حتى يستقيم. فقال: نعم، وربما كسر أنف سائسه.
وقف أعرابي على قوم فقال: رحم الله من لم تمج أذنه كلامي، وقدم لنفسه معاذه من سوء مقامي، فإن البلاد مجدبة، والحال مسغبة، والحياء زاجر يمنع من كلامكم، والفقر يدعو إلى إخباركم، والدعاء أحد الصدقتين، فرحم الله امرءًا أمر بخير. فقيل له: من أنت؟ فقال: اللهم اغفر، سوء الاكتساب يمنعني من الانتساب.
سمع إياس بن معاوية ﵀ يهوديا يقول: ما أحمق المسلمين! يزعمون أن أهل الجنة يأكلون ولا يحدثون. فقال له إياس بن معاوية: أو كل ما تأكله تحدثه؟ قال: لا. لأن الله يجعل أكثره غذاء. قال: فلم تنكر أن يجعل الله جميع ما يأكله أهل الجنة غذاء.
1 / 17