215

وكثيرا ما يفرط هؤلاء الجهال في الفروض، ويقعون في أوخم الذنوب ثم يقولون: أمة محمد بخير!. وهذا مسلك ساقط. ومحمد - صلى الله عليه وسلم - أول من يستنكره ويحارب أصحابه، وينذرهم بأنهم أصحاب الجحيم. فأما أن الجزاء حق، وأنه يتناول الذرة من الخير والشر، وأنه يعم الناس فذلك صريح القرآن: { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } . والقول بأن قوانين الجزاء توقف بالنسبة لأتباع نبي ما سخف فارغ، وقد كذب القرآن الكريم في مواضع شتى مزاعم الأولين والآخرين لما جمحت بهم أمانيهم إلى هذا الوهم الباطل.". ويقول ص (231): "والظاهر أن الشفاعة التي يرجوها النبي الكريم إنما تدرك صنفا من الناس تأرجحت موازين الحق والباطل في أعماله، فهو بين السقوط والنجاح.

ونحن في حياتنا ننظر إلى التلامذة الذين يقتربون من النهاية الصغرى للنجاح نظرة رأفة، ونميل إلى منحهم درجة أو درجتين جبرا لنقصهم. أما الذين يبتعدون عن المستوى الأدنى للنجاح مسافة بعيدة فإننا نحكم بسقوطهم فورا.

فلعل الشفاعة المنسوبة للرسول الكريم تنقذ أمثال هؤلاء المقاربين للنجاة، وبهذا يتم الجمع بين النصوص."

ويقول ص (233): "إن أتباع الدين يجب أن يعرفوا أن الحساب الإلهي لا يغفل الذرة من الخير أو الشر، وأن هذه الدقة تنفي كل تصرف ينطوي على الفوضى، وكيل الجزاء جزافا. وقد ندد القرآن الكريم باليهود؛ لما سرت بينهم هذه الآراء الغريبة، حتى ظن عامتهم أن الجنة حكر لهم ولذرياتهم لأمر ما فأقبلوا على ملذات العيش الأدنى ينتهبونها ويقولون في يقين سيغفر لنا!!.".

ويقول ص (234) : "والمؤسف أن هذا القطع بين العمل والجزاء رسب في أوهام العامة، فأساؤوا به إلى أنفسهم وإلى دينهم، ثم إن عوج سلوك المنسوبين إلى الدين وقلة فقههم، وسوء ذوقهم، مكن للإلحاد في الأرض، ورفع الثقة من الأديان وممثليها جملة.

Bogga 248