198

(إنما) أداة قصر قصر بها تفسير الميزان يوم القيامة على العدل والإنصاف وهوقصر قلب، وذلك أن بعض المخالفين ذهب إلى أن الميزان هو عمود وكفتان ينصبه تعالى يوم القيامة لوزن أعمال العباد، وزعموا أن من رجحت كفة حسناته على كفة سيئاته دخل الجنة ومن رجحت كفة سيئاته على كفة حسناته دخل النار ووصفوا الميزان بأوصاف لا حاجة لذكرها هنا ورووا في ذلك أحاديث لم تثبت عندنا، وتعلقوا من الكتاب بنحو قوله تعالى: { فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ( ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون } المؤمنون : 102 و103 ونحن نقول إن هذه الموازين المذكورة عبارة عن معنى السعادة والشقاوة، فثقل الميزان كناية عن السعادة وخفته كناية عن الشقاوة والعرب كانت تعبر بثقل الميزان عن علو الشأن وبخفته عن عكس ذلك قال الشاعر:

ولو يضعوا أباي في ميزانهم رجحوا وشال أبوك بالميزان

وقد تعبر بالوزن للشيء عن العلم به كما في قوله تعالى: { وانبتنا فيها من كل شيء موزون } الحجر : 19 أي معلوم المقدار عنده تعالى، أما الوزن المفسر عندنا بالعدل والإنصاف المشار اليه في النظم فهو ما في قوله تعالى: { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } الأنبياء : 47 فالقسط بدل من الموازين لا نعت له كما يدل عليه قوله تعالى: { والوزن يومئذ الحق } الأعراف : 8 وإنما عدلنا في تفسير الميزان عن حقيقته المشهورة الى ما ذكرناه من العدل والإنصاف لأن حمله على حقيقته المشهورة محال(_( ) وقد حكى ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9/33) عند قوله تعالى: { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } [الأنبياء: 47] أن ابن عباس - رضي الله عنه - فسر الميزان بأنه الحكم بالقسط بين الناس وذلك في الرواية رقم [24609] ونصه:

Bogga 231