وقد تقدم أن في كتاب "السنة" لابن أحمد يقول: "وهل يكون الإستواء إلا بالجلوس!". وابن القيم ينقل في "بدائع الفوائد" رواية فيها ما يفيد أن الله يجلس على عرشه ولم يتعقبها بشيء بل تجده يقرر ما يريده هناك بتلك الرواية فكأنه يرى ثبوتها، وكل أحد يعلم أن الجلوس والقيام والإستلقاء من صفات البشر، ومنه تعلم أن القائلين بتفسيره بالإستيلاء أرادوا كف شغب القائلين بالجلوس والقعود والله المستعان._)، والرب عزوجل مستول على العرش وعلى غيره، وإنما خص العرش بالذكر في هذه الآية ونظائرها لأن العرش أعظم المخلوقات، فناسب ذكره في مقام الإمتداح، وإذا كان تبارك وتعالى مالكا لما هو أعظم المخلوقات ومستوليا عليه كان استيلاؤه على ما هو دون ذلك ثابتا بطريق الأولى، ومعنى قوله (يسم) بالبناء للمفعول أي يدعى، أي كل واحد من القبضة والإستوا يسمى ملكا أي يفسر بالملك والله سبحانه وتعالى أعلم.
(130)(وجده كوجهه أو قل عظم ومكره عقوبة لمن ظلم)
أي الجد المضاف اليه تعالى في قوله: { وإنه تعالى جد ربنا } الجن : 3 له معنيان أحدهما: أن يفسر بالذات كما فسر بذلك الوجه في قوله تعالى: { ويبقى وجه ربك } الرحمن : 27 وعليه فالمعنى وأنه تعالى ربنا، والمعنى الثاني: أن يفسر بالعظمة، وعليه فالمعنى وأنه تعالى عظمة ربنا، فالعظم في البيت بكسر العين المهملة وفتح الظاء المعجمة بمعنى العظمه.
وقوله: (ومكره عقوبة.. الخ) أي والمكر المسند اليه تعالى في نحو قوله تعالى: { ومكروا ومكر الله } آل عمران : 54 إنما هو عقوبة للظالم لا غير ذلك من المخادعة والإحتيال فمعنى قوله تعالى: { ومكر الله } أي وعاقبهم الله، أي قضى بعقوبتهم وحكم بها من حيث لا يعلمون ذلك.
الباب الثالث
من الركن الثاني
في الأنبياء والرسل والملائكة والكتب
(131)( ثم من الجائز بعث الرسل يهدوننا إلى الصراط الأعدل)
( 132)(مقرونة دعواهم تفضلا بمعجزات تبطل التقولا)
Bogga 198