سَاكِت، ثمَّ قَرَأَ الْحَادِي عشر، فَقَالَ أَبُو نعيم: لَيْسَ من حَدِيثي، اضْرِب عَلَيْهِ. ثمَّ قَرَأَ الْعشْرَة الثَّانِيَة، وَأَبُو نعيم سَاكِت، فَقَرَأَ الحَدِيث الثَّانِي، فَقَالَ: لَيْسَ من حَدِيثي، اضْرِب عَلَيْهِ. ثمَّ قَرَأَ الْعشْرَة الثَّالِثَة، وَأَبُو نعيم سَاكِت، ثمَّ قَرَأَ الحَدِيث الثَّالِث، فَتَغَيَّر أَبُو نعيم، وانقلبت عَيناهُ، وَأَقْبل عَلَى يَحْيَى فَقَالَ: أما هَذَا - وذراع أَحْمد بِيَدِهِ - فأورع من أَن يعْمل هَذَا، وَأما هَذَا - يُرِيدنِي - فَأَقل من أَن يفعل هَذَا، وَلَكِن هَذَا من فعلك يَا فَاعل، ثمَّ أخرج رجله، فرفس يَحْيَى، فَرَمَى بِهِ. فَقَالَ يَحْيَى: وَالله لرفسته أحبّ إليَّ من سَفَرِي.
وَكَانَ قَتَادَة بن دِعامة السَّدُوسي يسْأَل سعيد بن الْمسيب فيكثر، فَقَالَ لَهُ سعيد: كل مَا سَأَلتنِي عَنهُ تحفظ؟ فقَالَ: نعم، سَأَلتك عَن كَذَا وَكَذَا، فَقلت: كَذَا وَكَذَا. قَالَ سعيد: مَا ظَنَنْت أَن الله خلق مثلك.
وَكَانَ يَقُول: مَا سَمِعَتْ أذناي شَيْئا قطّ إلَّا وَعَاهُ قلبِي، وَمَا قُلْتُ لمحدثٍ قطّ: أَعِدْ عليَّ؛ فإنَّ إِعَادَة الحَدِيث تَذْهَبُ بنوره.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ - أحد الْأَئِمَّة الحفَّاظ، العارفين بعلل الحَدِيث، وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل -: أَحْصَيْتُ أَنِّي مشيتُ عَلَى قَدَمَيَّ زِيَادَة عَلَى ألف فَرْسَخ. وَقلت عَلَى بَاب أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ: من أَغْرَبَ عليَّ حَدِيْثًا مُسْندًا صَحِيحا، لم أسمع بِهِ؛ فَلهُ عليَّ (دِرْهَم) -
1 / 271