158

Badr Munir

البدر المنير في معرفة الله العلي الكبير

قلت: وينبغي أن يكون ولاتهم مثلهم في حسن السيرة، وأن يكون لين الجانب وسهل الحجاب لأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهاد إلى اتباع شريعته، وقد قال تعالى له صلى الله عليه وآله وسلم: {واخفض جناحك للمؤمنين}(1) وقال تعالى فيه صلى الله عليه وآله وسلم: {حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} وأن يلين جنابه ويسهل حجابه ولو لفاجر ليهديه، أو ليحسن إسلامه، أو ليقيم الحجة عليه، أو ليدفع ضره عنه أو عن المسلمين إذا لم يمكن دفع ضرره إلا بذلك، وذلك لأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيجب عليه ما كان يجب [42ب] على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من فعل ما يكون أدعى إلى الاتباع من تليين الحجاب وخفض الجانب من غير ركون إلى الفجرة، ولا تحسين لأفعالهم، ولا إعراضا عن المؤمنين إعراض إهمال لما يجب لهم من الموالاة لأجل الفجرة والظلمة؛ فلا يجوز له ذلك ولا لغيره لقوله تعالى: {ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا}(2) ولقوله تعالى: {أما من استغنى فأنت له تصدى * وما عليك ألا يزكى * وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى}(3) أي تلهى عنه بغيره {يعني تعالى يشتغل عن المسارعة في إجابة دعوته حين دعاك) لتعلمه ما يجب عليه، وليس ذلك بمعصية في حقه صلى الله عليه وآله وسلم وليس في الآية ما يشعر بالمعصية وإنما هو مجرد عتاب في الحث على المسارعة إلى الخير وإجابة المسترشد، ولا يجوز تحسين أفعالهم لقوله تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}(1) ولا يجوز الركون إليهم بولاية ولا إماتة للمسلمين أو نصيحة لقوله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}(2).

فأما ما يدعوهم إلى استماع الموعظة ولو لم يمتثلوا لقوله تعالى: {معذرة إلى ربكم}(3) أو ليحسن إسلامهم، أو ليتبصروا، أو ليندفع ضرهم وسبهم، أو السلام عليهم ابتداء لئلا يستنكفوا عن الانقياد، أو إقامة الحجة عليهم، أو ليعرفهم ويبلغهم الشرائع حيث لم قد يعرفوها، فإنه يجب على الإمام وغيره في حقهم لأجل تلك المصالح تليين الجناب، وتسهيل الحجاب، والضيافة حيث لا يباع الطعام المصنوع وبعدوا عن أهليهم، ويكون إطعامهم من نصيب ابن السبيل، والإحسان في التكليف لقوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}(4) ولقوله تعالى: {ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك}(5) ويجب أيضا في حق الإمام وكذا ولاته آكد لما ذكرنا ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أيما وال احتجب من حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة))(6).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((من ولي أمرا من أمور الناس ثم أغلق بابه دون المسكين والضعيف وذي الحاجة أغلق الله دونه أبواب رحمته عند فقره إليه وحاجته أحوج ما يكون إليها))(7).

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((اللهم من رفق بأمتي فارفق به ومن شق عليهم فشق عليه))(8).

Bogga 207