فقال أديب: إنني أفضل الذهاب على البقاء إذا لم يكن من بأس بذلك.
قال سليم: كلا، بل إن ذهابك معي يزيد في سروري. وفيما هما في الطريق سأله سليم عن سبب قدومه إلى نيويورك الآن مما لم يفعله من قبل، فقال له: عادة هذه الأيام هي أن يأتي تجار الداخلية إلى نيويورك لشراء بضائع محالهم، وهم يفتكرون بأن هذه القيمة التي يصرفونها بإتيانهم يتوفر عليهم أضعافها من الأرباح التي لم يفتكروا بها من قبل، وهم يرون من هذا إفادة على ما أظن.
وسأله أديب عن اسم صديقه فقال: اسمه ميخائيل، وهو شيخ في الستين من عمره، ولكن له نشاط الشباب وقوتهم. وقد أتى إلى هذه البلاد للتفتيش على فتاة ولكنه وجدها قد ماتت، وتراه الآن بهم زائد لأنه سيرجع بخفي حنين، وقد قال لي بأنه على لقاء الفتاة وعدم لقائها يتوقف أمران: إما سعادته وإما تعاسته.
فقال أديب: وما اسم الفتاة؟
أجاب: لا أعلم وسنسأل صاحبنا عنه.
ولما وصلا إلى الرصيف وجدا ميخائيل واقفا مع عدد من الأصحاب، وهو وقور يخامر وقاره الحزن العميق. وحينما رآه شعر بميل إليه واعتبار له، ولكنه لما صافحه شعر بكهربائية الحب تتصل إليه من ذلك الشخص الوقور ولم يدر لهذا سببا.
وشعر أديب بدافع إلى السؤال عن الفتاة، فانحاز هو وسليم إلى جهة مع الشيخ، وسأله عنها لعله يستطيع مساعدته.
فقال الرجل اسمها بديعة وقد كنت أتيتها ببشارة عظيمة كانت ولا شك سعادتها وسعادة شخص آخر وسعادتي أنا؛ لأنني أكون الجامع بينهما، ولكن صديقة بديعة أخبرتني بأنها ماتت وقطعت بهذا الخبر آخر خيط من حبال آمالي.
فلما سمع أديب هذا الاسم اضطرب قلبه وسأل الرجل قائلا: من هي صديقة بديعة؟ وهل تعرف اسمها؟
أجاب الشيخ: هي لوسيا رفيقة الفتاة من الوطن، وتسكن في الشارع الفلاني من هذه المدينة.
Bog aan la aqoon