ولما وصلت البيت وجدت والدي الحزينين بحالة يرثى لها من التعاسة لفقدي، فلم يطاوعني قلبي على معاتبة والدتي، ولكنها هي أخبرتني بالقصة نادمة، وطلبت صفحي فصفحت عنها بشرط أن تسعى لاجتماعنا كما سعت لافتراقنا.
ونهار البارحة طلبت مني والدتي أن أرافقها لزيارة والدتك، فقبلت مضطرا ولكنني غير نادم الآن كما أظن ...
وإنما يا بديعة! ما هذا الاتفاق الغريب والصدفة السعيدة المدهشة؟! فأخبرته هي عن قصتها تماما، فبات كل منهما متعجبا من تلك الخيانة التي أبعدتهما وجعلت كلا منهما يصدق بخيانة الآخر له.
ولما حكت بديعة لفؤاد عن إخلاص وحب أديب له، وكيف أنه سعى جهده لجمعها به، وعن خدمة واعتناء جميلة بها، وعن فضل الاثنين عليها في مرضها؛ قال فؤاد مبتسما: آه لو كنت أقدر على الوصول إلى ذلك الشاب الشريف لأصافحه وأشكره وأجثو أمام تلك الفتاة الجميلة القلب وأقبل الأرض شكرا لها أيضا! وحقيقة يا بديعة إنني لا أغار من الاثنين على محبتهما لك الآن؛ لأنهما فعلا ما يمحو هذه الغيرة من قلبي.
فضحكت بديعة لكلامه وقالت: إنك تقول هذا ما زلت بعيدا عنهما، ولكن متى قربت تتغير الحالة ...
فنظر إليها بنظرة التوسل وقال لبديعة: أنت تعرفين بأن الغيرة الشريفة هي بنت الحب الصادق، فهلا غيرت الأيام من اعتقادك بحبي؟
أجابت: كلا؛ لأنني كنت أحسب دائما أن في الأمر خيانة، وكنت أعتقد بأنك لا تعاملني هذه المعاملة بدون سبب.
قال: إذن أنا غير أهل لك؛ لأنني حقدت عليك واتهمتك بالخيانة، وكنت أشك ببراءتك لأنني حسبت لضعف الجنس تأثيرا عليك.
فقالت: والآن؟
أجاب: الآن. لا أقدر أن أعبر عن أفكاري؛ لأنني ضعيف القلب والجسم. عند ذلك سمعا صوت والدة بديعة تناديها، فقالت بديعة: ماذا تريدين يا أماه؟ قالت الوالدة: أريد معاتبتك؛ لأنك لم تخبريني بأمر حبك لفؤاد. فشكت لها عذرها.
Bog aan la aqoon