ومعلوم أن الروايات إنما هي المرايا تنعكس عليها صور أعمال وحوادث كل إنسان تقريبا، فيقرأ من بين تضاعيف سطورها وخلال حوادثها ما يمثل له نفسه في بعض الأحيان، فيتأثر مما هو مؤثر أو يبكي ويفرح لما يكون مبكيا ومفرحا، ويطلب فوق ذلك لنفسه الدواء الناجع الذي يصفه المؤلف لغيره، وتلك هي أجل منافع الروايات المفيدة التي لا تستفاد إلا منها ومن أمثالها من الكتب.
إني في هذه الرواية أخالف عادة بعض الكتاب في ثلاثة أمور، وهي أولا: أنني لا أقدمها لشخص وفرت أمواله، فرجي نواله وخيف انتقامه فأجل مقامه. والرواية عمومية لا نصيب لأحد دون محبي العموم والإنسانية فيها، فهي تهدى ولكن إلى المفضلين أدبيا علي، وأخص منهم بالذكر صاحب جريدة «الهدى» اليومية الذي نشطني وساعدني على بث آرائي وإبداء أفكاري، كما ساعد الكثيرين والكثيرات غيري مساعدته لي، حتى عرفت جريدته بالمنشطة للآداب والتهذيب والنافخة لروحهما بين جاليتنا السورية الأمريكية. وأقدمها ثانيا للأديبات والأدباء من قراء جريدة «الهدى» الكرام، الذين كان اعتبارهم الماضي لمقالاتي ورضاهم عنها من أكبر المساعدات لي على استطراد السير في طريق الإصلاح الوعرة، بالرغم عما اعترضني فيها من المصاعب التي عوضا عن أن تثبط عزيمتي كانت منشطة لي، فوجب علي أن أذكر هذه الفئة الكريمة بالشكر والثناء، وأجعل لها من اعتباري بإشراكها في تقديم الرواية لها نصيبا وافرا. وأضم إلى ما مر آنفا كلاما قاله أحد المؤلفين الأمريكيين في صدر كتابه، أقتبسه عنه وأراجعه بلسان الوطنية قائلة: إنني أشرك في تقديم هذه الرواية الذين عملوا لأجلنا كثيرا، والذين نرجو أن نعمل لأجلهم شيئا في المستقبل، وهم:
أولا:
أمهاتنا اللواتي «بنين» البيوت التي استقبلتنا أول دخولنا هذا العالم.
ثانيا:
زوجاتنا اللواتي «يبنين» لنا البيوت التي نسكنها الآن.
ثالثا:
بناتنا المزمعات أن «يبنين» البيوت للذين يأتون بعدنا.
رابعا:
القراء الذين تلطفوا باعتبار كتاباتنا الماضية، وهم غير متحولين عما تفضلوا علينا به من قبل إن شاء الله.
Bog aan la aqoon