118
لهم منزل قد كان بالبيض كالمها ... فصيح المعاني ثم اصبح أعجما١ ورد عيون الناظرين مهانة ... وقد كان مما يرجع الطرف مكرما وقال في الإبل "من البسيط": ألمرضياتك ما أرغمت آنفها ... والهادياتك وهي الشرد الضلل إذا تضللت من أرض فصلت بها ... كانت هي العز إلا أنها ذلل٢ وقال في الشيب "من الخفيف": غرة مرة ألا إنما كنـ ... ـت أغر أيام كنت بهيمًا دقة في الحياة تُدعى جلالًا ... مثل ما سُمي اللديغ سليمًا٣ وقال ابن السماك للرشيد: يا أمير المؤمنين، تواضعك في شرفك أشرف من شرفك. وقال الطائي "من الطويل": وضل بك المرتاد من حيث يهتدي ... وضرت بك الأيام من حيث تنفع

١ بيض: جمع بيضاء وصف لأحبابه. المها: وصف للبيض، جمع مهاة وهي البقرة الوحشية. وأعجم: أي غير ناطق، مهانة: من الهوان. وأرجعه ورجعه واحد. والطرف: العين، ومكرمًا: اسم مفعول من أكرم. يصف عفاء مغاني أحبابه بعد فراقهم إياه ورحليهم عنه وآثار هذا العفاء في نفس المحب الواله. ٢ المرضيات: جمع مرضية من أرضيته عني، أرغمت: أهنت، من أرغم الله أنفه أي ألصقه بالتراب. آنف: جمع أنف. والهاديات: جمع هادية من هداه الطريق أي أرشده إليه. شرد البعير: نفر فهو شارد وشرود وهم شرد. والضلل: جمع ضالة من الضلال ضد الرشاد، وتضللت: بمعنى نسبت فيها إلى الضلال فكرهت الإقامة بها، أو بمعنى تظلمت، كانت هي -أي الإبل- العز؛ لأنها تنأى بي عن موطن الذل والهوان، والذلل: جمع لناقة ذلول من الذل بالكسر؛ وهو اللين والانقياد. ٣ الغرة: بياض في جبهة الفرس، مرة: من المرارة أي: شديدة الألم للنفس، وأغر: أي أكرم، وغرة كل شيء: أوله، وأكرمه. والفرس البهيم: هو الذي لا يخالط لونه شيء سوى لونه. والدقة: مصدر دق الشيء أي صار دقيقًا، والدقيق ضد الغليظ، ولدغته العقرب فهو ملدوغ ولديغ.

1 / 132