. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
القرينة الظاهرة تدل على أن في هذه الحالة لم يكن بينهما حجاب ولا عليهما ثياب، فإنه ورد أن رسول الله ﷺ إذا اغتسل هو وعائشة ﵂ يكون عندهما قليل من الماء، فلو كان عليهما ثياب لا يكفيهما ذلك الماء القليل.
أخرج النسائي (١) وغيره عن عائشة ﵂ قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله ﷺ من إناء واحد وهو قدر الفَرَقِ، والفرق مكيال يسع ستة عشر رطلًا، وهي اثنا عشر مدًا، وقد كانا هو ﷺ وعائشة ﵂ ذَوَي جمَّة من الشعر، ويبالغ في غسل الأيدي حتى إنه ليغسل بالتراب ويبالغ في الاستنجاء، فالذي يقتضيه الظاهر أنه لا يكون في هذه الحالة عليهما ثياب، لأنه لو كان عليهما ثياب لا يكفيهما ذلك الماء القليل، وينشف أكثره الثوب، ولو سلم نظرًا إلى كمال حيائه ﷺ كونهما متسترين في هذه الحالة، فاحتمال التجرد عن الثوب لبيان الجواز غير مدفوع.
ويؤيده رواية أم هانئ ﵂، أخرجها البخاري وغيره (٢): ذهبت إلى رسول الله ﷺ يوم الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب، فسلَّمت، فقال: "من هذه"؟ فقلت: أم هانئ، الحديث. وهذا الحديث إن لم يكن فيه التصريح بعدم وجود الثوب عليه ﷺ، ولكن الاحتمال غير مدفوع، واتفقت الأمة على جواز النظر إلى جميع بدن الزوجة والأمة للزوج والسيد وعكسه، فلو سلم أنه ﷺ داوم على التستر من أزواجه وما ملكت يمينه يكون النظر من أحدهما إلى الآخر حرامًا.
وأيضًا يؤيده ما رواه الشيخان (٣) من قصة موسى ﵇، قال:
(١) "سنن النسائي" (٢٣١)، و"صحيح مسلم" (٣١٩).
(٢) "صحيح البخاري" (٢٨٠)، و"صحيح مسلم" (٣٣٦).
(٣) "صحيح البخاري" (٣٧٨)، و"صحيح مسلم" (٣٣٩).