311

============================================================

والكبة(1). فأناخ بها الرحال، وهبت شماله ذات اليمين وذات الشمال.

وفي شهر ربيع الأول، اجتمع الناس على قراءة البخاري، وقرأوا سورة نوح بمحراب الصحابة ثلاثة آلاف وثلاث مائة وثلاثا (2) وستين مرة، اتباعا لرؤيا رآها رجل. ودعوا برفع الطاعون، فازداد.

ثم شرع الخطيب في القنوت في الصلوات والدعاء، وحصل للناس الخضوع والخشوع والتضرع والتوجع والتوبة والإنابة ثم إن نائب السلطنة أمر بايطال ضمان النعوش وجمع ما يتعلق بالأموات، ونودي بذلك في الطرقات، وصنع الناس نعوشا وقفوها، واتسعوا بها في تشييع الموتى.

ثم نودي في البلد بصوم ثلاثة أيام، ففعلوا. ثم وقفوا بالجامع، كما يفعلون ني شهر رمضان، ثم خرجوا يوم الجمعة سابع عشر الشهر، إلى مسجد القدم(2)، فتضرعوا إلى الله تعالى في رفع الطاعون. وخرج الناس من كل فج عميق، حتى أهل الذمة والأطفال، وانتشروا في الطرقات، وأكثروا التضرع والبكاء، ولم يزدد الأمر إلا شدة، ولا الموت إلا كثرة.

فلما كان في ثاني شهر رجب، بعد الظهر، هبت ريح شديدة، اثارت غبارا اصفر ثم احمر ثم أسود، حتى اظلمت الأرض، وبقي الناس نحو ثلاث ساعات، يجارون إلى الله تعالى ويستغفرونه، حتى انكشف. ورجوا أن يكون ذلك ختام ما هم فيه، فلم ينقص عدد (1) أراد بالكبة: الاحشاء، تشبيها لها بكبة الغزل؛ وهي ما جمع مته - وانظر اللسان.

(2) في الاصل: ثلاثة - لحن.

(3) وهو بظاهر دمشق، وتأتي قداسته من قولهم أن رسول الله قد وصل إلى تلك المنطقة ووطتها بقدمه الشريفة، وهذا نفسه البب الذي جعلهم يخرجون اليه دون غيره من المساجد.

Bogga 311