============================================================
موت جمع عظيم دفعة واحدة لم تجر العادة به، يفيد وقوعه الاعتبار العظيم. وأما وقوع الموت على قوم بينهم اثتلاف ومحبة، فهو كوروده على قوم بينهم اختلاف، لأن وجه الاعتبار لا يختلف.
وأجاب الفخر الرازي بأنه : يمكن أن يكون المراد أن كل واحد منهم كان إلفا لحياته، محبا لهذه الدنيا. فيرجع حاصله إلى ما قاله الله تعالى: ( ولتجدنهم أحرصك الناس عل حيوة }(1)، وأنهم، مع غاية حبهم للحياة، وإلفهم لها، اماتهم الله تعالى، ليعلم أن الحرص على الحياة لا يعصم من الممات، انتهى: وتعقبه القاضي تاج الدين السبكي، في "الجزءه الذي جمعه في الطاعون، بان إيراد القاضي أبي بكر باق على حاله، وليس فيما ذكره الإمام الفخر جواب عنه، لأنه لا يقع الاعتبار العظيم الخارق للعادة بكون كل واحد منهم إلفا لحياته محبا لها، لأن ذلك موجود في كل ميت؛ منهم ومن غيرهم، بخلاف موت الطائفة العظيمة دفعة واحدة، انتهى ويظهر لي في جواب إيراد القاضي وتوجيه قول عبدالرحمن بن زيد بن أسلم توجيه آخر؛ وهو آن المراد آنهم كان رأيهم اجتمع على الفرار المذكور لأنه يجوز في نفس الأمر أن يكون بعضهم كان لا يرى الفرار، وإنما خرج مع من خرج بغير اختياره مثلا، أو لتردده في كون ذلك صوابا أو خطأ، فأفاد الوصف بأنهم كانوا تواردوا على هذا/ [1/22) المعتقد، فلذلك عوقبوا جميعهم بذلك، فيفيد الاعتبار بحالهم، وأنه لا ينبغي المسارعة إلى تقليد الرؤساء في مثل ذلك، مع أن القائل (1) البقرة: 96.
Bogga 170