208

إني عليك لخائف خلفي

نهي أبو نواس عن الخمر فشربها سرا، ولكنه جامل الإمام بترك نعتها، والتحدث عن وصفها، فأصاب الأدب ما أصابه، وغشي الشعر ما غشيه، فإن أبا نواس - فيما أرى - أول الناس وآخرهم، في وصف الراح والسقاة.

ولو لم يقف في سبيله الأمين لأبان لنا من مذاهب القول، وطرق البيان ما كنا في حاجة إلى بعضه، ولكن الزمان للأدب ظلوم قهار.

ليس وصف الخمر والندامى، والكئوس والسقاة، ضربا من الشعر الوجداني، فإنها أوصاف محسة، ترجع في جملتها إلى ما ترى العين، ويذوق اللسان، ولكن طبع أبي نواس ومهارته، جعلا لتلك المعاني الخمرية صبغة خاصة، تشبه أن تكون من عمل القلب، وصنع الضمير.

قل شعر عبيد الله لما تخوف الجمهور، ونضب شعر ابن أبي ربيعة لما نهاه أخوه وذهبت لطائف بشار في الغزل لما منعه المهدي، وحرمنا بدائع أبي نواس في الخمر لما زجره الأمين.

فكان ذلك مما أوجب فقر الآداب العربية، وجعل حظ الشعر غاية في الضئول ونهاية في الخمود.

فيا ليت شعري أتشمل الحرية الأدب وتنتظم الشعر ، أم يعيش الشعراء أسرى الأوامر العالية، والزواجر الطاغية أبد الآبدين، ودهر الداهرين؟

كلمة

عن موشحات حضرة الزميل الشيخ محمد إبراهيم الجزيري:

مقطعات حسان

Bog aan la aqoon