121

Bulshada Faa'iidooyinka

بدائع الفوائد

Daabacaha

دار الكتاب العربي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Hadith
بعد ذلك البحرين الملح والعذب فتأمل حسن تثنية المشرق والمغرب في هذه السورة وجلالة ورودهما لذلك وقدر موضعهما اللفظ مفردا ومجموعا تجد السمع ينبو عنه ويشهد العقل بمنافرته للنظم ثم تأمل ورودهما مفردين في سورة المزمل لما تقدمهما ذكر الليل والنهار فأمر رسوله علي الصلاة والسلام بقيام الليل ثم أخبره أن له في النهار سبحا طويلا فلما تقدم ذكر الليل وما أمر به فيه وذكر النهار وما يكون منه فيه عقب ذلك بذكر المشرق والمغرب اللذين هما مظهر الليل والنهار فكان ورودهما مفردين في هذا السياق أحسن من التثنية والجمع لأن ظهور الليل والنهار هما واحد فالنهار أبدا يظهر من المشرق والليل أبدا يظهر من المغرب ثم تأمل مجيئهما مجموعين في سورة المعارج في قوله: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ لما كان هذا القسم في سياق سعة ربوبيته وإحاطة قدرته والمقسم عليه أرباب هؤلاء والإتيان بخير منهم ذكر المشارق والمغارب لتضمنهما انتقال الشمس التي هي أحد آياته العظيمة الكبيرة ونقله سبحانه لها وتصريفها كل يوم في مشرق ومغرب فمن فعل هذا كيف يعجزه أن يبدل هؤلاء وينقل إلى أمكنتهم خيرا منهم وأيضا فإن تأثير مشارق الشمس ومغاربها في اختلاف أحوال النبات والحيوان أمر مشهور وقد جعل الله تعالى ذلك بحكمته سببا لتبدل أجسام النبات وأحوال الحيوانات وانتقالها من حال إلى غيره ويبدل الحر بالبرد والبرد بالحر والصيف بالشتاء والشتاء بالصيف إلى سائر تبدل أحوال الحيوان والنبات والرياح والأمطار والثلوج وغير ذلك من التبدلات والتغيرات الواقعة في العالم بسبب اختلاف مشارق الشمس ومغاربها كان ذلك تقدير العزيز العليم فكيف لا يقدر مع ما يشهدونه من ذلك على أن يبدل خيرا منهم وأكد هذا المعنى بقوله وما نحن بمسبوقين فلا يليق بهذا الموضع سوى لفظة الجمع ثم تأمل كيف جاءت أيضا في سورة الصافات مجموعة في قوله: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾ لما جاءت مع جملة المربوبات المتعددة وهي السماوات والأرض وما بينهما كان

1 / 122