Al-Ba'ith Al-Hatheeth

Ibn Kathir d. 774 AH
13

Al-Ba'ith Al-Hatheeth

الباعث الحثيث

Baare

أحمد محمد شاكر

Daabacaha

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1435 AH

Goobta Daabacaadda

الدمام‏

أَشْرَفُ الكَلِمِ وَأَفْضَلُهَا، وَأَجْمَعُ الحِكَمِ وَأَكْمَلُهَا كَمَا قِيلَ: "كَلَامُ المُلُوكِ مُلُوكُ الكَلَامِ". وَهُوَ تِلو كَلَامِ اللهِ العَلَّامِ وَثَانِي أَدِلَّةِ الأَحْكَامِ. فَإِنَّ عُلُومَ القُرْآنِ وَعَقَائِدَ الإِسْلِامِ بِأَسْرِهَا، وَأَحْكَامَ الشَّريعةِ المطَهَّرَةِ بِتَمَامِهَا، وَقَوَاعِد الطَّرِيقَةِ الحَقَّةِ بِحَذَافِيرِهَا؛ وَكَذَا الكَشْفِيَّاتِ وَالْعَقْلِيَّاتِ بِنَقِيرِهَا وَقِطْمِيرِهَا، تَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانِهِ ﷺ فَإِنَّهَا مَا لَمْ تُوزَنْ بِهَذَا القِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ وَلَم تُضْرَبْ عَلَى ذَلِكَ المِعْيَارِ القَوِيمِ، لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَلَا يُصَارُ إِلَيْهَا فَهَذَا العِلْمُ المَنْصُوصُ وَالْبِنَاءُ المرْصُوصُ بِمَنْزِلَةِ الصَّرَّافِ لِجَوَاهِرِ العُلُومِ عَقْليهَا وَنَقْليْهَا وَكَالنُّقَّادِ لِنُقُودِ كُل الفُنُونِ أَصْليْهَا وَفَرْعيْهَا مِن وُجُوهِ التَّفَاسِيرِ وِالفِقْهِيَّاتِ وَنُصُوصِ الأَحْكَامِ وَمَآخَذِ عَقَائِدِ الإِسْلَامِ وَطُرُقِ السُّلُوكِ إِلَى اللهِ ﷾ ذِي الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ فَمَا كَانَ مِنْهَا كَامِل العِيَارِ فِي نَقْدِ هَذَا الصَرَّافِ فَهْوَ الحَرِيٌّ بِالتَّروِيجِ وَالِاشْتِهَارِ وَمَا كَانَ زيفًا غَيْرَ جَيِّدٍ عِنْدَ النُّقَّادِ فَهُوَ القَمِينُ بِالرَّدِّ وَالطَّرْدِ وَالإِنْكَارِ فَكُلُّ قَوْلٍ يُصَدِّقُهُ خَبَر الرَّسُولِ فَهُوَ الأَصْلَحُ لِلقَبُولِ وَكُلُّ مَا لَا يُسَاعِدُهُ الحَدِيثُ وَالقُرْآنُ فَذَلِكَ فِي الحَقِيقَةِ سَفْسَطَةٌ بِلَا بُرْهَانٍ فَهِي مَصَابِيْحُ الدُّجَى وَمَعَالِم الهُدَى وَبِمَنْزِلَةِ البَدْرِ المُنِيرِ مَنِ انْقَادَ لَهَا فَقَدْ رَشُدَ وَاهْتَدَى وَأُوتِي الخَيرَ الْكَثِيرَ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا وَتَوَلَّى فَقَد غَوَى وَهَوَى وَمَا زَادَ نَفْسَهُ إِلَّا التَّخْسِيرَ فَإِنَّهُ ﷺ نَهَى وَأَمَرَ وَأَنْذَرَ وَبَشَّرَ، وَضَرَبَ الأَمْثَالَ وَذَكَرَ، وَإِنَّهَا لمثْلِ القُرْآنِ بَلْ هِي أَكْثَر. وَقَدِ ارْتَبَطَ بِهَا أَتْبَاعُهُ ﷺ الَّذي هُو مَلَاكُ سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، وَالحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، وَمَا الحَقُّ إِلَّا فِيمَا قَالَهُ ﷺ أَو عَمِلَ بِهِ أَوْ قَرَّرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ، أَوْ تَفَكَرَ فِيهِ أَو خَطَرَ بِبَالَهُ أَوْ هَجَسَ فِي خُلْدِهِ وَاسْتَقَامَ عَلَيْهِ. فَالعِلْمُ فِي الحَقِيقَةِ هُوَ عِلْمُ السُّنَّةِ وَالكِتَابَ، وَالعَمَلَ بِهمَا فِي كُلِّ إِيَابٍ وَذَهَابٍ وَمَنْزِلَتُهُ بَيْنَ العُلُومِ مَنْزِلَة الشَّمْسِ بَيْنَ كَوَاكِبَ السَّمَاءَ وَمِزْيَةُ أَهْلِهِ عَلَى

1 / 13