تخليق الْحِيطَان والعمد وسرح مَوَاضِع مخصومة فِي كل بلد يحْكى لَهُم حاك أَنه رأى فِي مَنَامه بهَا أحدا مِمَّن اشْتهر بالصلاح وَالْولَايَة فيفعلون ذَلِك ويحافظون عَلَيْهِ مَعَ تضييعهم فَرَائض الله تَعَالَى وسننه ويظنون أَنهم متقربون بذلك ثمَّ يتجاوزون هَذَا الى أَن يعظم وَقع تِلْكَ الْأَمَاكِن فِي قُلُوبهم فيعظمونها ويرجون الشِّفَاء لمرضاهم وَقَضَاء حوائجهم بِالنذرِ لَهُم وَهِي من بَين عُيُون وَشَجر وحائط وَحجر
وَفِي مَدِينَة دمشق صانها الله تَعَالَى من ذَلِك مَوَاضِع مُتعَدِّدَة كعوينة الْحمى خَارج بَاب توما والعمود المخلق دَاخل بَاب الصَّغِير والشجرة الملعونة الْيَابِسَة خَارج بَاب النَّصْر فِي نفس قَارِعَة الطَّرِيق سهل الله قطعهَا واجتثاثها من أَصْلهَا فَمَا أشببها بِذَات أنواط الْوَارِدَة فِي الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَق وسُفْيَان بن عبينة عَن الزُّهْرِيّ عَن سِنَان بن سِنَان عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله ﷺ الى حنين وَكَانَت لقريش شَجَرَة خضراء عظيمه يأتونها كل سنة فيعلقون عَلَيْهَا سِلَاحهمْ ويعكفون عِنْدهَا ويذبحون لَهَا وَفِي رِوَايَة خرجنَا مَعَ النَّبِي ﷺ قبل حنين وَنحن حديثو عهد بِكفْر وللمشركين سِدْرَة يعكفون عِنْدهَا وينوطون بهَا أسلحتهم يُقَال لَهَا ذَات أنواط فمررنا بسدرة فَقُلْنَا يَا رَسُول الله وَفِي الرِّوَايَة الأولى وَكَانَت تسمى ذَات نواط فمررنا بسدرة بشجرة عَظِيمَة خضراء فتنادينا من جنبتي الطَّرِيق وَنحن نسير الى حنين يَا رَسُول الله أجعَل لنا ذَات أنواط كَمَا لَهُم ذَات أنواط فَقَالَ النَّبِي ﷺ الله أكبر هَذَا كَمَا قَالَ فوم مُوسَى لمُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلهه قَالَ إِنَّكُم قوم تجهلون لتزكبن سنَن من كَانَ قبلكُمْ أخرجه التزمذي بِلَفْظ آخر وَالْمعْنَى وَاحِد وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح
قَالَ الإِمَام أَبُو بكر الطرطوسي رَحمَه الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْمُتَقَدّم ذكره فانظروا رحمكم الله أَيْنَمَا وجدْتُم سِدْرَة أَو شَجَرَة يقصدها النَّاس ويعظمون من
1 / 26