يَقُول عمر رضى الله عَنهُ فِي قيام رَمَضَان نعمت الْبِدْعَة وَقَالَ الرّبيع قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى المحدثات من الْأُمُور ضَرْبَان أَحدهمَا مَا أحدث يُخَالف كتابا أَو سنة أَو اجماعا أَو أثرا فَهَذِهِ الْبِدْعَة الضَّلَالَة وَالثَّانِي مَا أحدث من الْخَيْر لَا خلاف فِيهِ لوَاحِد من هَذَا فَهِيَ محدثة غير مذمومة وَقد قَالَ عمر رضى الله عَنهُ فِي قيام شهر رَمَضَان نعمت الْبِدْعَة هَذِه يَعْنِي إِنَّهَا محدثة لم تكن وَإِذا كَانَت فَلَيْسَ فِيهَا رد لما مضى
قلت وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَن النَّبِي ﷺ حث على قيام شهر رَمَضَان وَفعله ﷺ فِي الْمَسْجِد واقتدى فِيهِ بعض الصَّحَابَة لَيْلَة بعد أُخْرَى ثمَّ ترك النَّبِي ﷺ ذَلِك بِأَنَّهُ خشى أَن يفْرض عَلَيْهِم فَلَمَّا قبض النَّبِي ﷺ أَمن ذَلِك فاتفق الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم على فعل قيام رَمَضَان فِي الْمَسْجِد جمَاعَة لما فِيهِ من أَحيَاء هَذَا الشعار الَّذِي أَمر بِهِ الشَّارِع وَفعله وحث عَلَيْهِ وَرغب فِيهِ وَالله أعلم
فالبدع الْحَسَنَة مُتَّفق على جَوَاز فعلهَا والآستحباب لَهَا ورجاء الثَّوَاب لمن حسنت نِيَّته فِيهَا وَهِي كل مُبْتَدع مُوَافق لقواعد الشَّرِيعَة غير مُخَالف لشَيْء مِنْهَا وَلَا يلْزم من فعله مَحْذُور شَرْعِي وَذَلِكَ نَحْو بِنَاء المنابر والربط والمدارس وخانات السَّبِيل وَغير ذَلِك من أَنْوَاع الْبر الَّتِي لم تعد فِي الصَّدْر الأول فَإِنَّهُ مُوَافق لما جَاءَت بِهِ الشَّرِيعَة من اصطناع الْمَعْرُوف والمعاونة على الْبر وَالتَّقوى
وَمن أحسن مَا ابتدع فِي زَمَاننَا من هَذَا الْقَبِيل مَا كَانَ يفعل بِمَدِينَة اربل جبرها الله تَعَالَى كل عَام فِي الْيَوْم الْمُوَافق ليَوْم مولد النَّبِي ﷺ من الصَّدقَات وَالْمَعْرُوف واظهار الزِّينَة وَالسُّرُور فان ذَلِك مَعَ مَا فِيهِ من الاحسان الى الْفُقَرَاء مشْعر بمحبة النَّبِي ﷺ وتعظيمه وجلالته فِي قلب فَاعله وشكرا لله تَعَالَى على مَا من بِهِ من ايجاد رَسُوله الَّذِي أرْسلهُ رَحْمَة
1 / 23