ومدح أذنيه فقال جل وعلا: {ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم}؛ أي ومن هؤلاء المنافقين جماعة يؤذون رسول الله ويعيبونه ويقولون: هو أذن سامعة يسمع من كل أحد ما يقول له فيقبله ويصدقه، وقائل هذه المقالة هو نبتل ابن الحارث أخو بني عمرو بن عوف، فأعلم الله عز وجل عباده أن محمدا صلى الله عليه وسلم أذن خير لا أذن شر، أي يستمع ما ينزله الله عز وجل عليه فيصدق به ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه به، وهو معنى {يؤمن بالله} يصدق بالله وحده لا شريك له ويصدق المؤمنين لا الكافرين والمنافقين، ودخلت اللام في {للمؤمنين} للفرق بين إيمان التصديق وإيمان الأمان ولما كان معنى الإيمان التصديق جاء باللام كما جاء في قوله عز وجل: {مصدقا لما بين يديه}.
وقال بعض النحويين -وهو أبو الحسن الحوفي-:
دخلت اللام في {للمؤمنين} كما دخلت في {ردف لكم}، وجعله الله تعالى رحمة لمن تبعه وصدقه لأن الله تعالى استنقذهم به من الضلالة، وأورثهم به جنات عدن وهي دار المقامة والجلالة.
ثم قال جل من قائل: {والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم} فأوعد الذين يعيبون رسوله بعذاب أليم في دركات الجحيم، ورد عليهم بقوله: {قل أذن خير لكم} وكانوا إذا كان الرجل منهم يسمع كل ما يقال له قالوا: هو أذن، ومنه قول الشاعر:
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به ... وإن ذكرت بسوء عندهم أذن
ويروى: أذنوا أي سمعوا؛ فرد الله عليهم ذلك، وجعله أذن خير في كل ما هو سالك.
ومدح قلبه فقال تعالى: {ما كذب الفؤاد ما رأى} أي ما أنكر قلبه
ما رأت عينه ليلة الإسراء لما عرج به إلى السماء.
Bogga 216