Awraqaygee … Noloshayda (Qeybta Koowaad)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Noocyada
في حياتي كلها ألم آكل خبزا مثل خبزها، لم أعرف للخبز طعما أو رائحة منذ أرغفتها تطقطق داخل الفرن، تتلقاها ساخنة كالنار فوق كفها الكبيرة.
لم أشهد في حياتي مثل هذه الكف الكبيرة، أكبر من كف العمدة أو الملك، أكبر من كف أبي.
في السابعة من عمري علمني أبي الصلاة، بدأت اسمع منه حكايات الأنبياء ... سيدنا إبراهيم الذي أمسك الفأس وحطم الأصنام التي يعبدها قومه ... سيدنا موسى الذي تحولت عصاه إلى ثعبان كبير ابتلع ثعابين سحرة فرعون ... سيدنا يوسف رماه إخوته في البئر، وعادوا إلى أبيهم يقولون الذئب أكله، ستنا مريم العذراء ولدت سيدنا عيسى بروح من عند الله، ناداها مولودها لتهز النخلة وتأكل منها البلح الرطب، سيدنا محمد هبط إليه سيدنا جبريل في غار حراء:
اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم .
عاد سيدنا محمد إلى زوجته خديجة يرتعد: «دثروني، دثروني .»
في الركن من الشرفة البحرية أجلس ... خيالي يسرح مع حكايات أبي ... أحملق في السماء ... أتصور الله من وراء السحب، إلى جواره: سيدنا محمد، سيدنا موسى، سيدنا عيسى، ستنا مريم.
لم أكن أرى البحر من الشرفة البحرية، أشم رائحته فقط، حين يهب الهواء أول الصباح في أيام الصيف نذهب إلى الشاطئ، تسميه أمي «البلاج».
نركب العربة الحنطور، أتنافس أنا وأخي طلعت للجلوس بجوار السائق فوق المقعد العلوي، أمسك لجام الحصان، أرى الشارع الطويل حتى نهايته، اسمه شارع كوم الدكة، نمر أمام مدرسة أخي، اسمها «مدرسة كوم الدكة»، الحديقة الواسعة المرتفعة فوق الهضبة، يلهث الحصان وهو يصعد، تطرقع حوافره فرحا هين يهبط إلى كورنيش البحر، أشهق معه، أملأ صدري بهواء البحر، ينفتح الأفق عن عالم واسع من المياه الزرقاء الممدودة حتى السماء.
قبل أن أولد (في حياة أخرى) كنت سمكة تعيش داخل هذه المياه، شدوني خارج المياه رغم إرادتي بالسنارة، منذ رأيت البحر لأول مرة في حياتي، وإذا رأيت البحر في أي مكان من العالم ينتابني هذا الفرح، هذه الرغبة للعودة إلى حضن المياه الزرقاء، حضن الأم.
كان لنا في «بلاج الشاطئ» كابينة صغيرة من الخشب، نخلع فيها ملابسنا، نرتدي «المايوه»، لم تكن سعدية (الخادمة) تخلع جلبابها، تجلس على الرمل تحت الشمسية تحرس الحقيبة المنتفخة بالطعام. - ليه «سعدية» مش بتعوم معانا في البحر يا ماما؟ - ماعندهاش مايوه يا نوال.
Bog aan la aqoon