Awraqaygee … Noloshayda (Qeybta Koowaad)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Noocyada
أتلفت حولي أبحث عن وجه أمي بين الوجوه، أصابع حديدية تثبت رأسي في المنضدة، تزحف الأصابع إلى عنقي تضغط عليه، أيحاولون خنقي لأني أسأل عن أمي؟ أين اختفت أمي؟ قتلوها؟ دفنوها في مقبرة ومعها اسمها؟ شطبوا على اسم أمي، مسحوه بالأستيكة، قالوا: ربما بعد الموت تحملين اسم أمك؛ لأن الحقيقة بعد الموت تظهر، ويختفي اسم الأب المزيف.
الصوت ينادي اسمي مرة أخرى، يرن الاسم في أذني مألوفا، سمعته مرارا في مراحل حياتي السابقة، رأيته فوق أغلفة كتبي ورواياتي، الصوت يناديني بلهجة خشنة ذكورية، صوت رجل ملامحه غريبة، هذا الرجل لا أعرفه، مع ذلك يمسك يدي المثبتة فوق المنضدة، يقول للأطباء والطبيبات إنه زوجي. - متى تزوجت هذا الرجل؟!
أرفع يدي لأمسك رأسي، يدي لا تتحرك، الصداع يقسم رأسي قسمين، ذاكرتي لا تسعفني، لحظات في حياتي سقطت في العدم، أحاول استعادتها دون جدوى، هذا الأثير يخدرني، يستخدمون المخدر لقتل الذاكرة، أقاوم، أفتح فمي لأصرخ، صوتي لا يخرج. •••
مربوطة الذراعين والساقين، فوق فمها كمامة، تفتح فمها نصف فتحة وتقول لهم: لا أريد مخدرا! لا أريد أن أفقد الوعي! أنا طبيبة ولست مريضة واسمي نوال وأمي اسمها زينب، أما جدي السعداوي فأنا لا أعرفه، مات قبل أن أولد. •••
الصوت يناديها باسمها وهي لا ترد، زوجها يقول لهم: إنها ليست نائمة، وليست غائبة عن الوعي، إنها فقط تكتب، وهي حين تكتب تصبح غائبة عن هذا العالم، لا تسمع أحدا، ولا ترد على أحد.
قالت لزوجها بعد ليلة الزفاف المؤلمة: سأكتب ما لا يكتب. كل يوم تجلس إلى مكتبها من أول النهار حتى آخر الليل، القلم بين أصابعها، والصفحة تحت يدها بيضاء، تمزق الورقة وراء الورقة، تمزق شعرها، تفتح فمها عن آخره تطلب الهواء، تختنق، تشد الكمامة فوق فمها، تعض بأسنانها الأصابع الملفوفة حول عنقها.
جسمها فوق المقعد أصبح جزءا من المقعد، مربوطة إلى المقعد بالحبال، نصفها الأسفل مربوط لا يتحرك، النصف الأعلى لا نرى منه إلا الرأس المطوق فوق المكتب، القلم بين أصابعها الطويلة السمراء يرسم على الورقة حروفا سوداء مبتورة، يحتك سن القلم بالصفحة البيضاء، يصنع صريرا خافتا، أذناها تلتقطان الصوت داخل الصمت، ينتصب رأسها وعيناها نصف مغمضتين.
كأنما لم أكتب في حياتي، لم تمسك أصابعي القلم، لا أعرف اللغة، واللغة لا تعرفني، هذه الحروف ليست حروفي، لم أتعلمها من أمي، يقولون عنها: لغة الأم، وهي لغة رجل غريب مات قبل أن أولد. أحاول النهوض من مقعدي وراء المكتب، قدماي وساقاي مربوطة بالحبال، أسير نحو السرير بجسدي المربوط، أستغيث في النوم بلا صوت، شريف نائم إلى جواري مستغرق في النوم.
أرمقه بشيء من الحسد، منذ تزوجنا عام 1964 وهو ينام بسهولة، يضع رأسه فوق الوسادة وينام في نصف ثانية، ضوء خافت يسقط فوق الجدار من خلال شقوق النافذة، نسمة خفيفة تحرك النتيجة المعلقة، التاريخ يشير إلى العام الجديد 2000، يبدو الرقم غريبا ، يفتح شريف عينيه، يرمق الرقم بدهشة، يا خبر بقينا في سنة 2000 كده بسرعة؟! أطفو فوق السرير كأنما أعوم فوق الزمان والمكان. •••
الزمن يمضي وأنا متجمدة تحت الغطاء، أحاول النوم دون جدوى، كأنما نسيت كيف أنام، أحاول الكتابة دون جدوى، كأنما نسيت اللغة. شريف نائم إلى جواري، ترك سريره في غرفته وجاء إلى غرفتي، تحدثنا قليلا قبل النوم، يكتب رواية جديدة وأنا عاجزة عن الكتابة، كأنما لم أكتب أبدا، عيناي مفتوحتان كأنما لم أنم أبدا، يفتح شريف جفونه، يراني محملقة في السقف. - ما لك يا نوال؟ - مش عارفة أكتب يا شريف، لا يمكن حاكتب أبدا أبدا، كل مرة تقولي كده يا نوال وتكتبين، المرة دي هي الأخيرة يا شريف، كل مرة تقولين هي دي الأخيرة، لأ خلاص هي دي الأخيرة، ولا يمكن حاكتب، خلاص فقدت القدرة على الكتابة، حاولي تنامي يا نوال، مش عارفة أنام، خلاص فقدت القدرة على النوم. •••
Bog aan la aqoon